للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرضوان، وقوله: {تَحْتَ الشَّجَرَةِ}: إما متعلق بـ {يُبَايِعُونَكَ} أو بمحذوف حال من المفعول؛ أي: حال كونك تحت الشجرة، وهذه الشجرة المذكورة هي شجرة كانت بالحديبية، وهي السمرة؛ أي: أمّ غيلان، وهي كثيرة في بوادي الحجاز، وقيل: هي سدرة، قال في "إنسان العيون": صارت تلك الشجرة التي وقعت عندها البيعة، يقال لها: شجرة الرضوان، وبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زمان خلافته: أنّ ناسًا يصلّون عندها، فتوعدهم، وأمر بها فقطعت خوف ظهور البدعة. انتهى.

وروى الإِمام النسفي رحمه الله في "التيسير": إنها عمّيت عليهم من قابل، فلم يدروا أين ذهبت، ويمكن التوفيق بين الروايتين بأنها لما عميت عليهم .. ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظنّ أنها هي شجرة البيعة، فأمر عمر بقطعها، فقطعت.

وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشًا، ولا يفرّوا، وروي: أنه بايعهم على الموت، والقصة مبسوطة في كتب الحديث والمسير، فراجعها إن شئت.

{فَعَلِمَ} الله سبحانه وتعالى {مَا فِي قُلُوبِهِمْ}: معطوف على {يُبَايِعُونَكَ} لما عرفت من أنه بمعنى بايعوك، لا على {رَضِيَ}، فإنّ رضاه تعالى عنهم مرتّب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص، عند مبايعتهم له - صلى الله عليه وسلم -، قال الفرّاء: علم ما في قلوبهم من الصدق والوفاء، وقال قتادة وابن جريج: من الرضى بأمر البيعة على أن لا يفرّوا، وقال مقاتل: من كراهة البيعة على الموت.

{فَأَنْزَلَ} سبحانه {السَّكِينَةَ}؛ أي: الطمأنينة، وسكون النفس بالتشجيع أو الصلح {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على قلوبهم، معطوف على {رَضِيَ}؛ يعني: أنزل السكينة على قلوب المؤمنين المخلصين حتى ثبتوا، وبايعوك على الموت، وعلى أن لا يفرّوا {وَأَثَابَهُمْ}؛ أي: وجازاهم على الطاعة {فَتْحًا قَرِيبًا}؛ أي: فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية في ذي الحجة، فأقام - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بقيته وبعض المحرم، ثم خرج إلى خيبر في بقية المحرم، سنة سبع.

وقرأ الحسن ونوح القارىء: {وآتاهم}؛ أي؛ أعطاهم، والجمهور: