عليهم من حقوق العباد، وقيل: المراد: قيام الرسل بين يدي الله للقضاء، والأول أولى.
٧ - وقوله:{كَلَّا} هي للردع والزجر عما كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب، فيحسن الوقف عليه، فيستأنف بما بعدها، وقال أبو حاتم: إن {كَلَّا} بمعنى: حقًا، فتكون متصلة بما بعدها على معنى حقًا {إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}، وجملة {إِنَّ} على الأول تعليل للردع؛ أي: ازدجروا وكفوا مما أنتم عليه من التطفيف والغفلة عن الحساب والمجازاة، فإن الفجار سيحاسبون على أعمالهم، وقد أعد الله لهم كتابًا أحصى فيه أعمالهم، وكذا جميع ما يأتي، من {كَلَّا} من هذه السورة.
والحاصل: أن {كَلَّا} إنْ كانت بمعنى حقًا .. فهي ابتداء كلام متصلة بما بعدها، فيكون الوقف على ما قبلها، وإنْ كانت بمعنى الردع والزجر .. فهي متصلة بما قبلها متممة له، فيكون الوقف عليها.
والكتاب مصدر (١) بمعنى: المكتوب، كاللباس بمعنى: الملبوس، أو على حاله بمعنى الكتابة، واللام للتأكيد، و {سِجِّينٍ} علم لكتاب جامع هو ديوان الشر، دوَّن أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الثقلين، منقول من وصف؛ أي: ساجن كحاتم، وهو منصرف لأنه ليس فيه إلا سبب واحد، وهو التعريف، وأصله: فعيل من السجن، وهو: الحبس مبالغة الساجن، كخمير وسكير وفسيق من الخمر والسكر والفسق، كما قاله أبو عبيدة والمبرد والزجاج، أو لأنه مطروح - كما قيل - تحت الأرض السابعة في مكان مظلم وحش، وهو مكان إبليس وذريته إذلالًا لهم، وتحقيرًا لشأنهم، وتشهده الشياطين المدحورون، كما أن كتاب الأبرار يشهده المقربون، فالسجين مبالغة المسجون.
والمعنى: أن كتاب الفجار الذين من جملتهم المطففون؛ أي: ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم لفي ذلك الكتاب المدون فيه قبائح أعمالهم المذكورين المختص بالشر، وهو السجين.