للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ينتصب بـ {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا} الآتي؛ لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبلها.

أي: يخرجون منها حال كونهم ملعونين مطرودين {أَيْنَمَا ثُقِفُوا}؛ أي: في أيِّ مكان وجدوا وأدركوا {أُخِذُوا}؛ أي: مسكوا {وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} والتشديد يدل على التكثير، وبه قرأ الجمهور. وقرأت فرقة بالتخفيف، فيكون {تَقْتِيلًا} مصدرًا على غير قياس المصدر، يعني: الحكم فيهم: الأخذ والقتل على جهة الأمر، فما انتهوا عن ذلك، كما في تفسير "أبي الليث".

وقال محمد بن سيرين: فلم ينتهوا, ولم يغر الله بهم، والعفو عن الوعيد جائز لا يدخل في الخلف، كما في "كشف الأسرار" وقيل (١):هذا دعاء عليهم بأن يأخذوا ويقتلوا تقتيلًا، وهو أولى. وقيل: معنى الآية: إنهم إن أصروا على النفاق .. لم يكن لهم مقامٌ بالمدينة إلا وهم مطردون.

والمعنى (٢): أي في ذلك الوقت القليل الذي يجاورونك فيه يكونون مطرودين من باب الله تعالى وبابك، وإذا خرجوا لا ينفكون عن المذلة، ولا يجدون ملجأً، بل أينما يكونوا يطلبوا ويؤخذوا ويقتلوا تقتيلًا.

٦٢ - ثم بين أن هذا الحكم عليهم وعلى أمثالهم بنحو هذا هو شرعة الله تعالى في أشباههم من قبل، فهو ليس بباع فيهم، كما قال: {سُنَّةَ اللَّهِ} مصدر مؤكد حذف عامله وجوبًا تقديره: سن الله سبحانه ذلك الحكم من لعن المنافقين، وأخْذِهم، وقتلهم أينما ثقفوا {فِي الَّذِينَ خَلَوْا} ومضوا {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبلكم أيها الأمة المحمدية؛ أي: سن الله ذلك في الأمم الماضية سنة، وجعله طريقة مسلوكةً من جهة الحكمة، وهي أن يقتل الذين نافقوا الأنبياء وسَعَوا في توهين أمرهم بالإرجاف ونحوه أينما ثقفوا.

{وَلَنْ تَجِدَ} يا محمد {لِسُنَّةِ اللَّهِ} سبحانه وعادته في خلقه {تَبْدِيلًا}؛ أي: تغييرًا أصلًا؛ أي: لا يبدِّلها لابتنائها على أساس الحكمة التي عليها يدور ذلك التشريع، أو لا يقدر أحد على أن يبدلها؛ لأن ذلك مفعول له لا محالة، بل هي ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء في الخلف والسلف.


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.