للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شَيْءٍ شَهِيدًا}؛ أي: مطلعًا لا تخفى عليه خافية من الأقوال والأفعال، ولا يتفاوت في علمه الأماكن والأوقات والأحوال.

وفي "التأويلات النجمية": يشير بالآية إلى تسكين قلوبهن بعد فطامهن عن مألوفات العادة، ونقلهن إلى معروف الشريعة، ومفروض العبادة، فمن عليهن وعلى أقربائهن بإنزاله هذه الرخصة؛ لأنه ما أخرجهن، وما خلَّى سبيل الاحتياط لهن مع ذلك فقال: {وَاتَّقِينَ اللَّهَ} فيهن، وفي غيرهن بحفظ الخواطر، وميل النفوس، وهمها. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من أعمال النفوس، واحوال القلوب {شَهِيدًا} حاضرًا وناظرًا إليها. قال أبو العباس الفاسي: الشهيد: هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم، ولا مرئي، ولا مسموع.

فائدة: وجملة الأزواج التي مات عنهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي المرادة في هذه الآية تسع: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وصفية، وميمونة، وزينب، وجويرية، وقد نظمهن بعضهم فقال:

تُوُفِّيْ رَسُوْلُ اللهِ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ ... إِلَيْهِنَّ تُعْزَى الْمَكْرُمَاتُ وَتُنْسَبُ

فَعَائِشَةٌ مَيْمُوْنَةٌ وَصَفِيَّةٌ ... وَحَفْصَةُ تَتْلُوْهُنَّ هِنْدٌ وَزَيْنَبُ

جُوَيْرِيَّة مَعْ رَمْلَةٍ ثُمَّ سَوْدَةٌ ... ثَلاَثٌ وَسِتٌّ ذِكْرُهُنَّ لَيَعْذُبُ

٥٦ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: يعتنون بما فيه خيره وصلاح أمره، ويهتمون بإظهار شرفه، وتعظيم شأنه، وذلك من الله تعالى بالرحمة، ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار، فقوله: {يُصَلُّونَ} محمول على عموم المجاز؛ إذ لا يجوز إرادة معنيي المشترك معًا، فإنه لا عموم للمشترك مطلقًا؛ أي: سواء كان بين المعاني تنافٍ أم لا.

قال القهستاني: الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الإنس والجن: القيام والركوع والسجود والدعاء ونحوها، ومن الطير والهوام: التسبيح، والصلاة: اسم مصدر من التصلية، وكلاهما مستعمل بخلاف الصلاة بمعنى أداء الأركان، فإن مصدرها لم يستعمل، فلا يقال: صليت تصليةً، بل يقال: صليت صلاة.

وقال بعضهم: الصلاة من الله تعالى بمعنى الرحمة لغير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبمعنى