بالنصرة والمعونة والنسب والدين، وبكسرها في الإمارة وتولي الأمور العامة؛ لأنَّها من قبيل الصناعات والحرف.
{وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ}؛ أي: وإن طلب منكم أيها المهاجرون والأنصار هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا النصرة لهم على المشركين {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} لهم؛ أي: فواجب عليكم النصر لهم {إِلَّا} إن استنصروكم {عَلَى قَوْمٍ} من المشركين {بَيْنَكُمْ}؛ أي: أيها المؤمنون {وَبَيْنَهُمْ}؛ أي: وبين أولئك القوم {مِيثَاقٌ} وعهد على ترك القتال، كأهل مكة الذين بينكم وبينهم صلح الحديبية الذي عقدتموه لهم على ترك القتال عشر سنين فلا تنصروهم عليهم، ولا تنقضوا العهد الذي بينكم وبين أولئك القوم حتى تنقضي مدته؛ إذ الميثاق مانع من ذلك.
والمعنى: أنّه لا ولاية لكم عليهم إلا إذا قاتلهم الكفار، أو اضطدوهم لأجل دينهم، وطلبوا نصركم عليهم .. فعليكم أن تساعدوهم بشرط: أن يكون الكفار حَرْبييِّن، لا عهد بينكم وبينهم، أما إن كانوا معاهدين .. فيجب الوفاء بعهدهم، ولا تباح خيانتهم وغدرهم بنقض العهود والمواثيق. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بما تعلمون بصير} فلا تخالفوا أمره؛ كي لا يحل بكم عقابه، فعليكم أن تقفوا عند حدوده، وأن تراقبوه وتتذكروا اطلاعه على أعمالكم، وتتوخوا فيها الحق والعدل، وتتقوا الهوى الذي يصد عن ذلك.
وبهذه المحافظة على العهود والمواثيق سرًّا وجهرًا .. امتازت الشريعة الإِسلامية على الشرائع الوضعية، فشعار أهلها: الوفاء بالعهود، والبعد عن الخيانة والغدر. وقرأ السلمي والأعرج {بما يعملون} بالياء على الغيبة.
٧٣ - {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في النصرة والتعاون على قتال المسلمين، فهم في جملتم فريقٌ واحدٌ تجاه المسلمين، وإن كانوا شيعًا يعادي بعضهم بعضًا، فإن كفار قريش كانوا في غاية العداوة لليهود، فلمَّا ظهرت دعوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. تعاونوا على إيذائه ومحاربته، والمشركون واليهود والنصارى لمَّا