للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حوبة بن عانذ بالنصب تأكيدًا لضمير النصب في {آتَيْتَهُنَّ}.

{وَاللَّهُ} وحده {يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} من الضمائر والخواطر، فاجتهدوا في إحسانها، أو يعلم ما قلوبكم من الميل إلى بعضهن دون بعض، مما لا يمكن دفعه، ومن الرضا بما دبَّر له في حقهن من تفويض الأمر إليه - صلى الله عليه وسلم -.

روى أحمد عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: "اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني: القلب، وزيادة الحب لبعض دون بعض. وفي هذا (١) حث على تحسين ما في القلوب، ووعيد لمن لم يرضَ منهن بما دبر الله له من ذلك، وفوضه إلى مشيئته، وبعث على تواطىء قلوبهن، والتصافي بينهن، والتوافق على رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

{وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلِيمًا} بالسرائر كالظواهر، فيعلم ما تبدونه وما تخفونه {حَلِيمًا} على ذنب من أذنب، فلا يعاجل أهل الذنوب بالعقوبة، ليتوب منهم من شاء له أن يتوب، وينيب من ذنوبه من ينيب، فلا تغتروا بتأخيرها، فإنه إمهال لا إهمال.

٥٢ - {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} قرأ الجمهور: {لَا يَحِلُّ} بالياء التحتية للفصل بين الفعل وفاعله المؤنث؛ ولأن تأنيث الجمع غير حقيقي، وإذا جاز التذكير بغير فصل في قوله: {وَقَالَ نِسْوَةٌ} كان معه أجوز. وقرأ ابن كثير بالفوقية نظرًا إلى كون الفاعل جمعًا؛ أي (٢): لا تحل لك واحدة من النساء، مسلمةً كانت أو كتابية، لما تقرر عندهم أن حرف التعريف إذا دخل على الجمع .. يبطل الجمعية، ويراد الجنس، وهو كالنكرة يخص في الإثبات، ويعم في النفي، كما إذا حلف لا يتزوج النساء، ولا يكلم الناس، أو لا يشتري العبيد، فإنه يحنث بالواحد؛ لأن اسم الجنس حقيقة فيه.

أي: لا تحل لك يا محمد واحدة من النساء {مِنْ بَعْدُ}؛ أي: من بعد هؤلاء التسع اللاتي خيرتهن بين الدنيا والآخرة فاخترنك؛ لأنه نصابك من الأزواج، كما


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.