ثم بين السبب في الإيواء والإرجاء، وأنه كان ذلك في مصلحتهن، فقال:{ذَلِكَ} المذكور من تفويض الأمر إلى مشيئتك {أَدْنَى} وأقرب إلى {أَنْ تَقَرَّ} وتبرد {أَعْيُنُهُنَّ} وتطيب أنفسهن {و} إلى أن {لَا يَحْزَنَّ}، ولا يتأسفن بما فعلت بهن من إيثار بعض على بعض.
{وَ} إلى أن {يَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}؛ أي: ويرضين كلهن بما آتيتهن، وقسمت لهن من العدل بينهن تفضلًا وتكرمًا منك، وقوله:{كُلُّهُنَّ} بالرفع تأكيد لفاعل {يرضين}، وهو النون؛ أي: ذلك المذكور أقرب (١) إلى قرة عيونهن، وقلة حزنهن، ورضاهن جميعًا؛ لأنه حكم كلهن فيه سواء، ثم إن سويت بينهن .. وجدت ذلك تفضلًا منك، وإن رجحت بعضهن .. علمن أنه بحكم الله، فتطمئن به نفوسهن، ويذهب التنافس والتغاير، فرضين بذلك، فاخترنه على الشرط، ولذا قصره الله عليهن، وحرم عليه طلاقهن، والتزوج بسواهن، وجعلهن أمهات المؤمنين.
والمعنى: أي إنهن إذا علمن أن الله قد وضع عنك الحرج في القسم، فإن شئت قسمت، وإن شئت لم تقسم، لا جناح عليك في أيِّ ذلك فعلت، وأنت مع هذا تقسم لهن اختيارًا منك، لا وجوبًا عليك .. فرحن بذلك، واستبشرن به، واعترفن بمنتك عليهن في قسمك لهن، وتسويتك بينهن، وإنصافك لهن وعدلك بينهن.
والخلاصة: ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى قرة عيونهن، وانتفاء حزنهن، ووجود رضاهن إذا علمن أن ذلك التفويض من عند الله تعالى، فحالة كل منهن كحالة الأخرى في ذلك.