فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا". أخرجه البخاري.
واختلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقيل: يجبان على كلِّ مكلف، فمعنى الآية على هذا القول: كونوا أمةً دعاةً إلى الخير، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر. وصاحب هذا القول يقول: هما فرض كفاية إذا قام بهما واحد سقط الفرض عن الباقين.
وقيل: هنا يختصان بالعلماء وولاة الأمر، فعلى هذا يكون معنى الآية ليكن بعضكم آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر. {وَأُولَئِكَ} الدعاة الآمرون الناهون {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ أي: المختصون بالفلاح الكامل، والنجاح الواصل. روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر .. فهو خليفة الله في أرضه، وخليفة رسوله وخليفة كتابه".
وبعد أن أمر الله سبحانه وتعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. بين ما يجب أن تكون عليه الأمة الداعية الآمرة الناهية من وحدة المقصد، واتحاد الغرض؛ لأن الذين سبقوهم من الأمم، لم يفلحوا لاختلاف نزعاتهم، وتفرق أهوائهم؛ لأن كلًّا منهم يذهب إلى تأييد رأيه وإرضاء هواه.
أما المتفقون في القصد: فاختلافهم في الرأي لا يضر بل ينفعهم إذ هو أمر طبيعيٌّ، لا بدَّ منه لتمحيصه، وتبين وجه الصواب فيه فقال:
١٠٥ - {وَلَا تَكُونُوا} يا معشر المؤمنين {كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا}؛ أي: كاليهود والنصارى الذين تفرقوا بالعداوة {وَاخْتَلَفُوا} في الدين، وكانوا شيعًا تذهب كل شيعة منها مذهبًا يخالف مذهب الآخر، وتنصر مذهبها وتدعو إليه، وتخطىء ما سواه ولذا تعادوا واقتتلوا، أو