للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أي (١) فالذين آمنت قلوبهم، وصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة لهم، مغفرة لما سلف من سيئاتهم، وثواب جسيم عند ربهم على ما قدموا من حسناته، ولهم رزق كريم في الجنة، يفوق وصف الواصفين، ومقال المادحين. كما قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} وفي الحديث: "فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر".

٥١ - {وَالَّذِينَ سَعَوْا} واجتهدوا {فِي} إبطال {آيَاتِنَا} ورد دعوتنا وتكذيب رسولنا وثبطوا الناس عن متابعته حالة كونهم {مُعَاجِزِينَ}؛ أي: ظانين عجزنا عن أخذهم، أو سبقهم عذابنا، ظنا منهم أنهم يعجزوننا، وأنهم لا يبعثون. أو معارضين المؤمنين، فكلما طلب المؤمنون إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله. يقال (٢): عاجزه إذا سابقه؛ لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر، فإذا سبقه قيل: أعجزه وعجزه، قاله الأخفش. وقيل: معنى معاجزين ظانين ومقدرين أن يعجزوا الله سبحانه، ويفوتوه فلا يعذبهم. قاله الزجاج. وقيل: معاندين. قاله الفراء. {أُولَئِكَ} الموصوفون بالسعي والمعاجزة {أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}؛ أي: ملازموا النار الموقدة، مقيمون فيها لا يخرجون منها أبدًا.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والجحدري وأبو السمال والزعفراني (٣): {مُعجزين} بالتشديد هنا، وفي حرفي سبأ زاد الجحدري في جميع القرآن؛ أي: مثبطين. وقرأ باقي السبعة {مُعَاجِزِينَ} بألفٍ. وقرأ ابن الزبير {مُعْجِزين} بسكون العين وتخفيف الزاي، من أعجزني، إذا سبقك ففاتك. قال صاحب "اللوامح": لكنه هنا، بمعنى {مُعَاجِزِينَ}؛ أي: ظانين أنهم يعجزوننا. وذلك لظنهم أنهم لا يبعثون. وقيل في معاجزين: بمعنى معاندين، ومعجزين بالتشديد. بمعنى: مثبطين الناس عن الإسلام، ومعجزين بالتخفيف، بمعنى: ناسبين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العجز. كما تقول: فسقت فلانًا. إذا نسبته إلى الفسق. قاله أبو علي الفارسي.


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.