للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآلهة ضمنت له بقاء ملكه، وعظمته، وجبروته، لكن هذه الوصية وتلك النصائح لم تؤثر في قلوب بني إسرائيل، ففزعوا من فرعون وقومه

١٢٩ - {وقالُوا}؛ أي: قال بنو إسرائيل لموسى استكشافا لكيفية وعد موسى إياهم بزوال تلك المضار، هل في الحال، أو لا، لا كراهة لمجيء موسى بالرسالة، وشكا في وعده {أُوذِينا} يا موسى من جهة فرعون وقومه، بقتل أبنائنا، واستخدام نسائنا {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا} بالرسالة {وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا} رسولا بإعادة ذلك علينا، وذلك (١) أن بني إسرائيل كانوا مستضعفين في يد فرعون وقومه، وكان يستعملهم في الأعمال الشاقة نصف النهار، فلما جاء موسى - وجرى بينه وبين فرعون ما جرى - شدد فرعون في استعمالهم، فكان يستعملهم جميع النهار، وأعاد القتل فيهم، ولما ذكروا ذلك لموسى .. أجابهم بما حكاه الله سبحانه وتعالى عنه: {قالَ} موسى لقومه مسليا لهم، حين رأى شدة جزعهم بما شاهدوه من فعل فرعون {عَسى رَبُّكُمْ}؛ أي حقق ربكم {أَنْ يُهْلِكَ} ويستأصل {عَدُوَّكُمْ} فرعون وقومه {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: يجعلكم خلفاء في أرض مصر بعد هلاك أهلها، أو المعنى: قال (٢) موسى لهم: إن رجائي من فضل الله أن يهلك عدوكم الذي ظلمكم، ويجعلكم خلفاء في الأرض.

{فَيَنْظُرَ} سبحانه وتعالى ويرى {كَيْفَ تَعْمَلُونَ} بعد استخلافه إياكم فيها، أتشكرون النعمة أم تكفرون، وتصلحون في الأرض أم تفسدون، ويكون جزاؤكم في الدنيا والآخرة وفق ما تعملون، وعبر بالرجاء - دون أن يجزم بذلك - لئلا يتركوا ما يجب من العمل، ويتكلوا على ذلك، أو لئلا يكذبوه؛ لأنّ أنفسهم قد ضعفت بما طال عليها من الذل والاستخدام لفرعون وقومه، واستعظامهم لقومه وملكه، وقال التبريزي: يحتمل أن يكون قد أوحي بذلك إلى موسى، فعسى: للتحقيق، أو لم يوح، فيكون على الترجي منه، وهذا تصريح (٣) بما رمز إليه أولا. من أن الأرض لله، وقد حقق الله تعالى رجاءه وملكوا مصر في زمان


(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.