وأصحابًا له أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فقالوا: يا رسول الله إنا كنا في عزة ونحن مشركون، فلما آمنا .. صرنا أذلة، فقال:"إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا، فلما حولنا الله إلى المدينة أمرنا بالقتال، فكفوا"، فأنزل الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} .. الحديث أخرجه الحاكم أيضًا، وقال: رجاله رجال الصحيح.
التفسير وأوجه القراءة
٧١ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، {خُذُوا} أسلحتكم، والزموا {حِذْرَكُمْ}؛ أي: احترازكم واحتراسكم من عدوكم، ولا تمكنوه من أنفسكم، واستعدوا لاتقاء شره وحربه، بأن تعرفوا حاله ومبلغ استعداده وقوته، وإذا كان لكم أعداء كثيرون .. فاعرفوا ما بينهم من وفاق وخلاف، واعرفوا الوسائل لمقاومتهم إذا هجموا عليكم، واعملوا بتلك الوسائل.
ويدخل في ذلك معرفة حال العدو، ومعرفة أرضه وبلاده، وأسلحته واستعمالها، وما يتوقف على ذلك من معرفة الهندسة والكيمياء وجر الأثقال، وبالجملة: يجب اتخاذ أهبة الحرب المستعملة فيها من طيارات وقنابل ودبابات وبوارج مدرعة ومدافع مضادة للطائرات إلى نحو ذلك، حتى لا يهاجمكم على غرة، أو يهددكم في دياركم، ويأخذ أراضيكم، وحتى لا يعارضكم في إقامة دينكم أو دعوتكم.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة على علم بأرض عدوهم، كما لهم عيون وجواسيس يأتونهم بالأخبار، ولما أخبروه بنقض قريش للعهد إخلالهم بشروط المعاهدة في صلح الحديبية .. استعدو لفتح مكة، ولم يفلح أبو سفيان في تجديد العهد مرة أخرى، وقد كان يظن أن المسلمين لم يعلموا بنكثهم له، وقد قال أبو بكر لخالد بن الوليد في حرب اليمامة: حاربهم بمثل ما يحاربونك به، السيف بالسيف والرمح بالرمح.
وما رواه الحاكم عن عائشة:"لا يغني حذر من قدر" لا يناقض أخذ