للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الزائر. وقرأ أبو رجاء: القنع بغير ألف؛ أي: القانع فحذف الألف كالحذر والحاذر. وقرأ الحسن والمعترى اسم فاعل من اعترى، وهو بمعنى اعتر. وقرأ عمرو وإسماعيل {والمعترِ} بكسر الراء دون ياء، هكذا نقل ابن خالويه.

والمعنى: أي (١) فإذا سقطت وزهقت أرواحها، ولم يبق لها حركة، فكلوا منها، وأطعموا القانع المستغني بما يعطونه، وهو في بيته بلا مسألة. والمعتر الذي يتعرض لكم، ويأتي إليكم لتطعموه من لحمها.

وخلاصة ذلك: كلوا وأطعموا.

{كَذَلِكَ}؛ أي: تسخيرًا مثل ذلك التسخير البديع، المفهوم من قوله: صواف {سَخَّرْنَاهَا}، أي: سخرنا البدن وذللناها {لَكُمْ}؛ أي: لمنافعكم مع كمال عظمها، ونهاية قوتها، فلا تستعصي عليكم حتى تأخذوها منقادةً، فصارت منقادة لكم إلى مواضع نحرها، فتعقلونها، وتحبسونها صافة قوائمها، ثم تطعنون في لباتها؛ أي: مناحرها من الصدور، ولولا تسخير الله لم تطق. ولم تكن أعجز من بعض الوحوش، التي هي أصغر منها جرمًا وأقل قوة، وتنتفعون بها بعد أن كانت مسخرة للحصل عليها، والركوب على ظهرها، والحلب لها، ونحو ذلك.

{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}؛ أي: لكي تشكروا إنعامنا عليكم، بالتقرب والإخلاص في أعمالكم،

٣٧ - ولما كان أهل الجاهلية ينضحون البيت؛ أي: الكعبة بدماء قرابينهم، ويشرحون اللحم ويضعونه حوله، زاعمين أن ذلك قربة، قال: نهيًا للمسلمين {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ}؛ أي: لن يصعد إليه، ولن يبلغ ويدرك رضاه، ولا يكون مقبولًا عنده {لُحُومُهَا} المأكولة، والمتصدق بها {وَلَا دِمَاؤُهَا} المراقة بالنحر، من حيث إنها لحوم ودماء {وَلَكِنْ يَنَالُهُ} سبحانه {التَّقْوَى مِنْكُمْ} وهو قصد الائتمار، وطلب الرضى، والاحتراز عن الحرام والشبهة. وفيه دليل على أنه لا يفيد العمل بلا نية وإخلاص. والمعنى؛ أي: لن ينال رضا الله اللحوم المتصدق بها، ولا الدماء المراقة بالنحر، ولكن ترفع إليه الأعمال الصالحة،


(١) المراغي.