للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والإخلاص فيها بإرادة وجهه تعالى فحسب.

والخلاصة: لن يرضي اللَّهَ المضحون، والمتقربون إلى ربهم باللحوم والدماء، إلا إذا أحسنوا النية، وأخلصوا له في أعمالهم، فإذا لم يراعوا ذلك، لم تُغْنِ عنهم التضحية، والتقرب بها شيئًا، وإن كثر ذلك. فقد جاء في الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

قال الزجاج (١): أعلم الله أن الذي يصل إليه تقواه وطاعته فيما يأمر به وحقيقة معنى هذا الكلام تعود إلى القبول، وذلك أن ما يقبله الإنسان يقال قد ناله، ووصل إليه، فخاطب الله الخلق كعادتهم في مخاطبتهم.

ثم كرر سبحانه التنبيه على عظم تسخيرها لافتاً أنظارهم إلى ما أوجب عليهم، بقوله: {كَذَلِكَ}؛ أي: تسخيرًا مثل ذلك التسخير المذكور {سَخَّرَهَا}؛ أي: سخر الله سبحانه البدن {لَكُمْ}؛ أي: لأجل منافعكم، كرره للتذكير وللتعليل بقوله: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} سبحانه؛ أي (٢): لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره، فتوحدوه بالكبرياء {عَلَى مَا هَدَاكُمْ} {عَلَى} متعلقة بـ {تكبروا} لتضمنه معنى الشكر. و {مَا} مصدرية؛ أي: لتشكروه على هدايته إياكم إلى معالم دينه، ومناسك حجه، فتقولوا: الله أكبر على ما هدانا، ولله الحمد على ما أولانا، أو موصولة؛ أي: لتشكروه على ما هداكم إليه، وأرشدكم من معالم دينه وقضاء نسكه، وذبح قرابينه.

والمراد قول الناحر (٣): الله أكبر عند النحر، فذكر في الآية الأولى الأمر بذكر اسم الله عليها. وذكر هنا: التكبير للدلالة على مشروعية الجمع بين التسمية والتكبير. وقيل: المراد بالتكبير وصفه سبحانه بما يدل على الكبرياء، كما مرت الإشارة إليه آنفًا، ثم وعد من امتثل بقوله: {وَبَشِّرِ} يا محمد {الْمُحْسِنِينَ}؛ أي:


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.