للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{في غمراتهم} على الجمع؛ لأن لكل واحد غمرة، وعلى قراءة الجمهور: فغمرة تعم إذا أضيفت إلى عام.

٥٥ - ثم بيّن خطأهم فيما يظنون، من أن سعة الرزق في الدنيا علامة رضا الله عنهم في الآخرة، فقال: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} الهمزة فيه (١) الإنكار الواقع واستقباحه. وما موصولة؛ أي: أيظن هؤلاء الكفرة، أن الذي نعطيهم إياه ونجعله مددًا لهم، {مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ} بيان للموصول، وتخصيص البنين لشدة افتخارهم بهم.

٥٦ - {نُسَارِعُ} به {لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي: فيما فيه خيرهم وإكرامهم، وجواب الاستفهام محذوف، يدل عليه قوله: {بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: لا يعلمون أن ذلك استدراج؛ لأنه معطوف على مقدر يدل عليه السياق؛ أي: كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشيء أصلًا كالبهائم التي لا تفهم ولا تعقل، فإن ما خولناهم من النعم، وأمددناهم به من الخيرات، إنما هو استدراج لهم، ليزدادوا إثمًا. كما قال سبحانه: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}.

والمعنى: أيظن هؤلاء المغرورون، أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد كرامة لهم وإجلال لأقدارهم عندنا، كلا إن هذا الإمداد ليس إلا استدراجًا في المعاصي، واستجرارًا لهم إلى زيادة الإثم، وهم يحسبونه مسارعة في الخيرات، إذ هم أشبه بالبهائم، لا فطنة لهم ولا شعور، حتى يتفكروا في أنه إستدراج هو أم مسارعة في الخيرات.

ونحو الآية قوله تعالى: حكاية عنهم: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)} وقوله: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

قال قتادة في تفسير الآية (٢): مكر الله بالقوم في أموالهم وأولادهم، يا ابن آدم لا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.