للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأعماها، فلا يبصرون بها حجج الله إبصار معتبر متعظ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}؛ أي: الساهون عما أعد لأمثالهم من أهل الكفر،

١٠٩ - {لَا جَرَمَ}؛ أي: حق حقًّا وثبت ثبوتًا {أَنَّهُمْ}؛ أي: أنَّ هؤلاء الموصوفين بالصفات السابقة {فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}؛ أي: الهالكون الذين غبنوا أنفسهم حظوظها، وضيعوا أعمارهم وصرفوها فيما لا يفضي إلا إلى العذاب المخلد، ولله در من قال:

إذا كان رأس المال عمرك فاحترس ... عليه من الإنفاق في غير واجب

فما المرء في هذه الحياة إلا كالتاجر يشتري بطاعة ربه سعادة الآخرة، فإذا لم يفعل من ذلك شيئًا .. خسرت تجارته، وعاد ذلك عليه بالوبال والنكال في جهنم وبئس القرار، وقد حكم (١) الله تعالى على هؤلاء الكافرين بستة أشياء:

١ - استوجبوا غضب الله.

٢ - استحقوا عقابه العظيم.

٣ - أنهم استحبوا الحياة الدنيا.

٤ - أن الله حرمهم من الهداية للطريق القويم.

٥ - أنه طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.

٦ - أنه جعلهم سبحانه من الغافلين.

قال مجاهد: أول من أظهر الإِسلام سبعة: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وخباب، وصهيب، وبلال، وعمار وسمية، أما الرسول فحماه أبو طالب، وأما أبو بكر فحماه قومه، وأخذ الآخرون وألبسوا دروع الحديد ثم أجلسوا في الشمس، فبلغ منهم الجهد بحر الحديد والشمس، وأتاهم أبو جهل يشتمهم ويوبخهم، ويشتم سمية، ثم طعنها بحربة في ملمس العفة، وقال الآخرون: ما أرادوا به منهم إلا بلالًا، فإنهم جعلوا يعذبونه فيقول: أحد أحد، حتى ملوا فكتفوه، فجعلوا في عنقه حبلًا من ليف، ودفعوه إلى صبيانهم يلعبون به حتى ملوه


(١) المراغي.