وأمتعتكم؛ فإن عدوكم لا يغفل عنكم، ولا يرحمكم، والضرورات تقدر بقدرها.
وهذه الآية تدل على وجوب الحذر عن جميع المضار المظنونة، وبهذا الطريق كان الإقدام على العلاج بالدواء، والاحتراز عن الوباء، وعن الجلوس تحت الجدار المائل واجبًا والله أعلم، {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {أَعَدَّ} وهيأ {لِلْكَافِرِينَ} باللهِ تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - {عَذَابًا مُهِينًا}؛ أي: ذا إهانة وإذلال لهم في الدنيا، بأن يخذلهم وينصركم عليهم، فاهتموا بأموركم ولا تهملوا في مباشرة الأسباب، كي يحل بهم عذابه تعالى بأيديكم بالقتل والأسر والنهب، فهذا العذاب المهين هو عذاب غلب المسلمين، وانتصارهم عليهم، إذا قاموا بما أمرهم الله تعالى به، ويؤيده قوله تعالى:{فَإِنَّهُمْ يَألَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} وقوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ}{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ}.
فصل في كيفية صلاة الخوف
واعلم: أنه دلت (١) هذه الكيفية التي ذكرت في هذه الآية على أن طائفة صلت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعض صلاة، ولا دلالة فيها على مقدار ما صلت معه، ولا كيفية إتمامهم، وإنَّما جاء ذلك في السنة، ونحن نذكر تلك الكيفيات على سبيل الاختصار؛ لأنَّها مبينة ما أجمل القرآن:
الكيفية الأولى: صلت طائفة معه وطائفة وجاه العدو، وثبتت قائمة حتى تتم صلاتهم، ويذهبوا وجاه العدو، وجاءت هذه التي كانت وجاه العدو أولًا، فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسًا حتى أتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم، وهذه كانت بذات الرقاع.
الكيفية الثانية: كالأولى إلا أنَّه حين صلى بالطائفة الأخيرة ركعة سلم، ثم قضت بعد سلامه، وهذه مروية في ذات الرقاع أيضًا.