للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بيده سيف وليس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سلاح، وكان منفردًا.

وفي رواية أخرى: إن السيف الذي كان بيد الأعرابي كان سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، علقه في شجرة وقت الراحة، فأخذه الرجل، وجعل يهزه ويهم بقتل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم سقط في يده، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "من يمنعك مني"؟ قال: لا أحد، ثم صاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه، فأخبرهم، وأبى أن يعاقبه، كما مر ذلك كله في أسباب النزول.

وعلى هذا فالمراد تذكيرهم بنعمة الله عليهم، بدفع الشر والمكروه عن نبيهم، فإنَّه لو حصل ذلك .. لكان من المحن الكبرى التي تصحب المسلمين.

وقيل: إن المراد تذكيرهم بما أنعم الله عليهم من قوة الإِسلام، وعظمة شوكة المسلمين، فبعد أنْ كانوا أذلاء مغلوبين على أمرهم، بدل الحال غير الحال، وأصبحوا أعزة بعد الذلة، وغالبين بعد أن كانوا مقهورين، فهو سبحانه وتعالى يذكر المسلمين بوقائع الاعتداء كلها، سواء في ذلك حادثة المحاربي وأمثالها؛ لأن حفظه أولئك السلف هو حفظه لذلك الدين القويم، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وأصحابه هم الذين تلقوها عنه وأدوها لمن بعدهم قولًا وعملًا.

ومن فوائد هذا التذكير للمتأخر ترغيبه في التأسي بالسلف في القيام بما جاء به الدين، من الحق والعدل والبر، ومعنى قوله: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ}؛ أي: شارفوا أن يمدوا أيديهم إليكم بصنوف البلاء، من قتل ونهب، فكف الله تعالى بلطفه ورحمته أيديهم عنكم، فلم يستطيعوا تنفيذ ما هموا به {وَاتَّقُوا اللَّهَ} سبحانه وتعالى فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه؛ أي: كونوا مواظبين على طاعة الله تعالى، ولا تخافوا أحدًا في إقامة طاعات الله تعالى {وَعَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى لا على غيره {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: فليعتمد المؤمنون في جميع أمورهم: دينهم ودنياهم، فإنَّه تعالى الكافي لإيصال الخير ودفع الشر.

والمعنى: واتقوا الله الذي أراكم قدرته على أعدائكم وقت ضعفكم وقوتهم، وتوكلوا عليه وحده، فقد أراكم عنايته بمن يكون أمورهم إليه بعد مراعاة سننه، والسير عليها في اتقاء كل ما يخشى ضره، وتسوء عاقبته، لا على