للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عاصم بالرفع على الخبر. وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم في المشهور عنه بفتح الراء المشددة على النهي، وعلى كل من القراءتين يحتمل أن يكون الفعل مبنيًّا للفاعل أو للمفعول، وأصله لا تُضارر، أو لا تَضارر بالبناء للفاعل أو المفعول، والباء في قوله: {بولدها} أو {بولده} سببية، والمعنى: لا تضارر الأب بسبب الولد بأن تطلب منه ما لا يقدر عليه من الرزق والكسوة، أو بأن تفرط في حفظ الولد، والقيام بما يحتاج إليه، أو لا تضارر من زوجها بأن يقصر عليها في شيء مما يجب عليه، أو ينتزع ولدها منها بلا سبب، وهكذا قراءة الرفع تحتمل الوجهين، فهذه أربع قراءات سبعية.

وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {لا تضارَر} على الأصل بفتح الراء الأولى، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع: {لا تضارْ} بإسكان الراء وتخفيفا، على أنه حذف الراء الثانية فرارًا من التشديد في الحرف المكرر، وهو الراء، وروي عنه الإسكان والتشديد، وجاز حينئذ الجمع بين الساكنين؛ إما لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف، أو لأن مدة الألف تجري مجرى الحركة، فهاتان قراءتان شاذتان عن أبي جعفر المذكور.

وقرأ الحسن، وابن عباس شذوذًا: {لا تضارِر} بكسر الراء الأولى، فجملة ما في هذه الكلمة من القراءات ثمانية، ويحتمل أن تكون الباء في قوله: {بِوَلَدِهِ} صلة لقوله: {تُضَارَّ} على أنه بمعنى تضر؛ أي: لا تضر والدة ولدها، ولا أب ولده، فتسيء تربيته، أو تقصر في غذائه، وأضيف الولد تارة إلى الأب، وتارة إلى الأم؛ لأن كل واحد منهما يستحق أن ينسب إليه مع ما في ذلك من الاستعطاف، وهذه الجملة تفصيل، وتقرير للجملة التي قبلها؛ أي: لا يكلف كل واحد منهما الآخر ما لا يطيقه، فلا تضاره بسبب ولده.

{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}؛ أي (١): وعلى الصبي الذي هو وارث أبيه المتوفى مثل ما على الأب من النفقة والكسوة، فإنه إن كان له مال .. وجب أجر الرضاعة


(١) المراح.