للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كل مهرب {وَمَأْوَاهُمُ}؛ أي: مسكنهم ومقرهم في الآخرة {النَّارُ}؛ أي: نار جهنم.

والجملة الاسمية معطوفة على جملة النهي بتأويلها بجملة خبرية؛ أي: لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض، فإنهم مدركون، ومأواهم النار. {وَلَبِئْسَ} وقبح {الْمَصِيرُ} والمرجع لهم النار. والجملة جواب لقسم محذوف. والمخصوص بالذم محذوف؛ أي: وعزتي وجلالي لبئس المصير، والمرجع لهم. هي؛ أي: النار.

وقرأ الجمهور (١): {لَا تَحْسَبَنَّ} بالتاء الفوقية؛ أي: لا تحسبن يا محمد. وقرأ حمزة وابن عامر وأبو حيوة {لا يحسبن} بالياء التحتيَّة، فيكون الموصول فاعلًا على هذه القراءة والمفعول الأول محذوف، أي لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين في الأرض. قال النحاس: وما علمت أحدًا بصريًا، ولا كوفيًا إلا وهو يخطىء قراءة حمزة.

وفي الآية (٢): إشارة إلى كفران النعمة، فإن الذين أنفقوا النعمة في المعاصي، وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة. قال علي - رضي الله عنه -: أقل ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.

ومعنى الآيتين (٣): وأقيموا أيها الناس الصلاة على الوجه الذي رسمه الله في مواقيتها, ولا تضيعوها، وآتوا الزكاة التي فرضها الله على أهلها , لما فيها من الإحسان إلى الفقير والمسكين وذوي البؤس والحاجة، وأطيعوا رسول ربكم فيما أمركم به، ونهاكم عنه، لعل ربكم أن يرحمكم فينجيكم من شديد عذابه، ثم بين أن الكافرين سيحل بهم النكال، ولا يجدون مهربًا مما أوعدهم به ربهم فقال: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: لا تظن أيها الرسول الكافرين يجدون مهربًا في الأرض إذا أردنا إهلاكهم، بل نحن قادرون على أخذهم،


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.