للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هم أصحاب التصاوير. عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو شعيرة" متفق عليه.

وقيل: الكلام على حذف مضاف، والتقدير: إن الذين يؤذون أولياء الله، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله سبحانه وتعالى: "من آذى لي وليًا .. فقد آذنته بالحرب"، وقال تعالى: "من أهان لي وليًا .. فقد بارزني بالمحاربة" فمعنى إذاية الله سبحانه: هو مخالفة أمر الله تعالى، وارتكاب معاصيه، ذكر ذلك على ما يتعارفه الناس بينهم؛ لأن الله تعالى منزه عن أن يلحقه أذى من أحد.

{وَ} يؤذون {رَسُولَهُ} محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بقولهم: شاعر ساحر كاهن مجنون، وطعنهم في نكاح صفية الهارونية، وهو الأذى القولي، وكسر رباعيته، وشج وجهه الكريم يوم أحد، ورمي التراب عليه، ووضع القاذورات على ظهر النبوة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.

ويجوز أن يكون المراد بإيذاء الله ورسوله (١): إيذاء رسول الله خاصة بطريق الحقيقة، وذكر الله لتعظيمه، والإيذان بجلالة مقداره عنده تعالى. وأن إيذاءه - صلى الله عليه وسلم - إيذاء له تعالى لما قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}؛ أي: فمن آذى رسوله .. فقد آذى الله.

{لَعَنَهُمُ اللَّهُ}؛ أي: طردهم الله سبحانه وتعالى، وأبعدهم من رحمته {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيئًا من رحمة الله، جعل ذلك اللعن في الدنيا والآخرة، لتشملهم اللعنة فيما، بحيث لا يبقى وقت من أوقات محياهم ومماتهم إلا واللعنة واقعة عليهم، ومصاحبة لهم.

{وَأَعَدَّ لَهُمْ}؛ أي: هيأ لهم من ذلك {عَذَابًا مُهِينًا} يصيبهم في الآخرة خاصةً؛ أي: نوعًا من العذاب يهانون فيه، فيذهب بعزهم وكبرهم.

قال في "التأويلات": لما استحق المؤمنون بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والصلاة عليه صلاة الله .. فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وإيذائه لعنة الله، فلعنة


(١) روح البيان.