ركوعكم". ولما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} قال: "اجعلوها في سجودكم". وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم"، وفي سجوده "سبحان ربي الأعلى".
وسر اختصاص سبحان ربي العظيم بالركوع، والأعلى بالسجود (١) أن الأول إشارة إلى مرتبة الحيوان. والنسائي: إشارة إلى مرتبة النبات والجماد. فلا بد من الترقي في التنزيه، والحق سبحانه فوق التحت كما أنه فوق الفوق. ونسبة الجهات إليه على السواء لنزاهته عن التقيد بالجهات، فلهذا شرع التسبيح في الهبوط. واختلف الأئمة في التسبيح المذكور في الصلاة. فقال أحمد: هو واجب، تبطل الصلاة بتركه عمدًا، ويسجد لتركه سهوًا. والواجب عنده مرة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث. وقال أبو حنيفة، والشافعي: هو سنة. وقال مالك: يكره لزوم ذلك لئلا يعد واجبًا فرضًا.
{نَحْنُ} مبتدأ، وجملة {خَلَقْنَاكُمْ} خبره. والجملة مستأنفة. {فَلَوْلَا} الفاء: عاطفة، {لولا} حرف تحضيض بمعنى هلّا، {تُصَدِّقُونَ} فعل مضارع، مرفوع بالنون، والواو: فاعل. والجملة التحضيضية معطوفة على ما قبلها. {أَفَرَأَيْتُمْ} الهمزة: للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف، والفاء: عاطفة على ذلك المحذوف، {رأيتم} فعل، وفاعل، بمعنى أخبروني. والتقدير: أتنكرون البعث، وخلقي إيّاكم فأخبروني عمّا تمنون الخ. والجملة المحذوفة مستأنفة. {مَا} اسم موصول في محل النصب، مفعول أول لـ {رأيتم}، وجملة {تُمْنُونَ} صلة لـ {مَا}، والعائد محذوف، تقديره: ما تمنونه. {أَأَنْتُمْ} الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، {أنتم} مبتدأ، وجملة {تَخْلُقُونَهُ} خبر. والجملة الاستفهامية في محل النصب مفعول ثان لـ {رأيتم}. ويجوز إعراب {أنتم} فاعلًا بفعل مقدر؛ أي: أتخلقونه أنتم. فلما حذف الفعل لدلالة ما بعده عليه انفصل الضمير، وهو من باب الاشتغال. ولعله من جهة