للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتوهم، بل هو حال من {عَادٍ}؛ أي: حال كونهم كائنين بالأحقاف؛ أي: نازلين به، أو صفة؛ أي: أخا عاد الكائنين بالأحقاف؛ أي: بالوادي المعلوم. اهـ شيخنا. وأمَّا صلة {أنذَرَ} فهي قوله الآتي: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}.

والأحقاف: جمع حقفٍ، وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج. قاله الخليل وغيره. وكانوا قهروا أهل الأرض بقوتهم، وكثيرًا ما تحدث هذه الأحقاف في بلاد الرمل في الصحارى؛ لأنَّ الريح تصنع ذلك. وقال في "فتح الرحمن": الصحيح من الأقوال: أنَّ بلاد عاد كانت في اليمن، ولهم كانت إرم ذات العماد. وعن عليّ رضي الله عنه: شر وادٍ بين الناس وادي الأحقاف، وواد بحضرموت يدعى برهوت، تلقى فيه أرواح الكفار، وخير واد وادي مكة، ووادٍ نزل به ادم بأرض الهند، وخير بئر في الناس بئر زمزم، وشر بئر في الناس بئر برهوت. كذا في "كشف الأسرار".

{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ}؛ أي: مضت الرسل، جمع نذير بمعنى المنذر {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ}؛ أي: من قبل هود، كنوح عليهما السلام {وَمِنْ خَلْفِهِ}؛ أي: ومن بعد هود، كصالح عليهما السلام. وهذه الجملة: معترضة بين المفسِّر والمفسَّر، أو المتعلِّق والمتعلَّق، مقرِّرة لما قبلها، مؤكدة لوجوب العمل بموجب الإنذار، وسَّط بها بين إنذار قومه وبين قوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} مسارعةً إلى ما ذكر من التقرير والتأكيد، وإيذانًا باشتراكهم في العبادة المحكيّة.

وفي "الفتوحات" (١): المضي بالنسبة لزمن محمد - صلى الله عليه وسلم - خوطب به محمد، وأخبر به لبيان أنَّ إنذار هود لعاد وقع مثله للرسل السابقين عليه، والمتأخرين عنه، فأنذروا أممهم كما أنذر هود أمته، فصحَّ قوله: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}، فالذين قبله أربعة: آدم وشيث وإدريس ونوح، والذين بعده: كصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وكذا سائر أنبياء بني إسرائيل.

والمعنى (٢): واذكر يا محمد لقومك إنذار هود قومه عاقبة الشرك، والعذاب


(١) الجمل.
(٢) روح البيان.