وابن عامر بالرفع مع حذف الواو، كما في مصاحف أهل الحجاز والشام على أن الجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا في جواب سؤال نشأ من قوله تعالى:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأتِيَ بِالْفَتْحِ} كأن القائل يقول: فماذا يقول المؤمنون حينئذٍ؟ فقيل:{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا ...} إلخ.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب بالنصب مع الواو عطفًا على يصبحوا لا على يأتي: لأنَّ ذلك القول إنَّما يصدر عن المؤمنين عند ظهور ندامة المنافقين لا عند إتيان الفتح فقط، والمعنى: يقول المؤمنون مخاطبين لليهود مشيرين إلى المنافقين الذين كانوا يوالونهم ويرجون دولتهم عند مشاهدتهم لانعكاس رجائهم تعريضًا بالمخاطبين: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}؛ أي: غاية إيمانهم {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} أيها اليهود بالمعونة، فإن المنافقين حلفوا لليهود بالمعاضدة كما حكى الله تعالى عنهم بقوله:{وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} أو المعنى: يقول المؤمنون بعضهم لبعض، مشيرين للمنافقين، متعجبين من حالهم، مستعظمين بما من الله عليهم من إخلاص الإيمان عند مشاهدتهم لإظهارهم الميل إلى موالاة اليهود والنصارى: إنهم كانوا يقسمون لنا بالله جهد أيمانهم إنهم معنا في ديننا في السر ومن أنصارنا، فالآن كيف صاروا موالين لأعدائنا، محبين للاختلاط بهم، والاعتضاد بهم، وهذا المعنى كما سبق في حلنا أولًا أنسب لقراءة الرفع مع إثبات الواو على الاستئناف، أما المعنى الأول أعني: قول المؤمنين مخاطبين لليهود، فهو أنسب لقراءة النصب، ولقراءة الرفع مع حذف الواو، ولقراءة الرفع مع الواو بجعل الواو عاطفة جملة على جملة، والله أعلم بمراده.
وقوله:{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}؛ أي: بطلت أعمال المنافقين، هو من تمام (١) قول المؤمنين، أو جملة مستأنفة والقائل هو الله سبحانه، والأعمال هي التي عملوها في الموالاة، أو كل عمل يعملونه؛ أي: ويقول المؤمنون: ضاعت أعمالهم التي يتكفلونها نفاقًا، كالصلاة والصوم والجهاد معنا ليقنعونا بأنهم منا، لأجل ما أظهروا من النفاق، وموالاة اليهود {فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} في الدنيا