والمذهب الثالث: أنها صلاة العصر وهو قول علي وابن مسعود وأبي أيوب وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد الخدري، وعائشة رضي الله عنهم، وهو قول أبي عبيدة السلماني والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة والضحاك، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود وابن المنذر، وقال الترمذي: هو قول أكثر الصحابة فمن بعدهم، وقال الماوردي - من أصحاب الشافعية -: هذا مذهب الشافعي؛ لصحة الأحاديث فيه قال: إنما نص الشافعي على أنها الصبح؛ لأنه لم تبلغه الأحاديث الصحيحة في العصر، ومذهبه اتباع الحديث.
ويدل على صحة هذا المذهب: ما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: - وفي رواية يوم الخندق - "ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" وذكر نحوه، وزاد في أخرى "ثم صلاها بين المغرب والعشاء". أخرجاه في "الصحيحين" وفي مصحف عائشة وحفصة في قراءة تفسيرية شاذة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر} وهذا هو المذهب الحق الراجح.
والمذهب الرابع: أنها صلاة المغرب قاله قبيصة بن ذؤيب.
والمذهب الخامس: أنها صلاة العشاء ولم ينقل عن أحد من السلف فيها شيء، وإنما ذكرها بعض المتأخرين.
والمذهب السادس: أنها إحدى الصلوات الخمس لا بعينها، فأبهمها الله تعالى تحريضًا للعباد في المحافظة على أداء جميعها، كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة.
وإذا تقرر لك هذا (١)، وعرفت ما سقناه .. تبين لك أنه لم يرد ما يعارض أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وأما حجج بقية الأقوال: فليس فيها شيء مما ينبغي الاشتغال به؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء، وبعض القائلين