به واجب، والسؤال عنه بدعة. وقال الإمام أحمد رحمه الله: أخبار الصفات تمر كما جاءت بلا تشبيه ولا تعطيل، فلا يقال: كيف ولم نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء، وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف، أو يحدها حاد، نقرأ الآية والخبر ونؤمن بما فيهما، ونكل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل. وقال القرطبي: لم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وإنما جهلوا كيفية الاستواء، فإنه لا تعلم حقيقته.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة صفة عرش الرحمن، وإحاطته بالسموات والأرض وما بينهما وما عليهما، وهو المراد هنا. وقوله:{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ}؛ أي: يجعل الليل كالغشاء والغطاء للنهار، فيغطي بظلمته ضوء النهار جملة حالية من فاعل {اسْتَوى}؛ أي: استوى سبحانه وتعالى على العرش حالة كونه مغشيا الليل النهار. وقوله:{يَطْلُبُهُ}؛ أي: يطلب الليل النهار طلبا {حَثِيثًا} حال من الليل {اللَّيْلَ}؛ أي: حالة كون الليل طالبا للنهار طلبا حثيثا؛ أي: طلبا سريعا لا يفتر عنه بحال؛ أي: مسرعا.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي:{يغشّي} بالتشديد من باب فعل المضعف. وقرأ الباقون بالتخفيف من باب أفعل، وهما لغتان، يقال: أغشى يغشي إغشاء، وغشى يغشي تغشية، ولم يذكر في هذه الآية، ويغشي النهار الليل اكتفاء بأحد الأمرين عن الآخر على حد {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}. وقرأ حميد بن قيس:{يغشى الليل النهار}: على إسناد الفعل إلى الليل. وقوله:{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ} قال الأخفش: معطوف على {السَّماواتِ}{مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ} حال منها؛ أي: وخلق الشمس والقمر والنجوم حالة كونها مذللات بأمره وإرادته، خاضعات لتصرفه، منقادات لحكمه، جاريات بمقتضى حكمته وتدبيره. وقرأ ابن عامر بالرفع في الأربعة على الابتداء والخبر، وقرأ أبان بن تغلب برفع والنجوم مسخرات فقط على الابتداء والخبر. {أَلا}؛ أي: انتبهوا أيها العباد {لَهُ}: سبحانه وتعالى لا لغيره {الْخَلْقُ}؛ أي: الإيجاد والاختراع، فهو الخالق لجميع المخلوقات علويها وسفليها المالك لذواتها {وَ} له سبحانه وتعالى أيضا لا لغيره