للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وشحوم البقرة والغنم.

ومنها: أنّه {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ}؛ أي: كل ما تستخبثه الطبائع السليمة، وتستقذره النفوس، كالميتة والدم المسفوح، والخنازير، وما يؤخذ من الأموال بغير حق، كالربا والرشوة والغضب والخيانة.

ومنها: أنّه {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}؛ أي: يسقط عنهم ثقل العهد الذي أخذ عليهم، والمراد (١) بالإصر هنا: العهد والميثاق الذي أخذ على بني إسرائيل على أن يعملوا بما في التوراة من الأحكام، فكانت تلك الشدائد، قاله ابن عباس.

وقيل (٢): التشديد الذي كان عليهم من تحريم السبت، وأكل الشحوم، وغير ذلك من الأمور الشاقة، قاله قتادة. وقال مسروق: لقد كان الرجل من بني إسرائيل يذنب الذنب فيصبح وقد كتب على باب بيته أن كفارته أن تنزع عينيك فينزعهما. وقرأ ابن عامر {أصارهم} بالجمع. وقرىء: {أصرهم} بفتح الهمزة وبضمها. وقرأ طلحة: {ويذهب عنهم إصرهم} {وَ} يخفف عنهم {الْأَغْلالَ}؛ أي: التكاليف الشاقة {الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ} في عبادتهم ومعاملاتهم، كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب، وإحراق الغنائم، وكاشتراط قتل النفس في صحة التوبة، وتعيين القصاص في القتل العمد والخطأ، وقطع الأعضاء الخاطئة، وعدم صحة صلاتهم إلا في الكنائس، وغير ذلك من التكاليف التي كانت على بني اسرائيل، شبهت بالأغلال التي تجمع اليد إلى العنق، كما أن اليد لا تمتد مع وجود الغل، فكذلك لا تمتد إلى الحرام الذي نهيت عنه.

والخلاصة (٣): أنّ بني إسرائيل كانوا قد أخذوا بالشدة في أحكام العبادات والمعاملات الشخصية والمدنية والعقوبات، فكانت مثلهم مثل من يحمل أثقالا يئط منها، وهو موثق بالسلاسل والأغلال في عنقه ويديه ورجليه، وقد خفف المسيح عليه السلام عنهم بعض التخفيف في الأمور المادية، وشدد في الأحكام


(١) الخازن.
(٢) زاد.
(٣) المراغي.