المكتوب، وقيل نسبة إلى أم القرى - وهي مكة - وقرأ يعقوب {الأمي} بفتح الهمزة، وخرجها بعضهم على أنّه من تغيير النسب كما قالوا في النسب إلى أمية: أموي بفتح الهمزة، وخرجها بعضهم على أنّه نسبة إلى الأم، بمعنى القصد الذي هو مصدر أم يؤم أما، بمعنى قصد، ومعناه: المقصود لكل أحد، وهذا الوصف من خصوصياته صلى الله عليه وسلّم، إذ كثير من الأنبياء كان يكتب ويقرأ، فالأمية آية من آيات نبوته صلى الله عليه وسلّم، فهو مع أميته قد جاء بأعلى العلوم النافعة، التي بها يصلح ما فسد من عقائد البشر وأخلاقهم وآدابهم وأعمالهم، فغير نظم البشر في تلك الحقبة الطويلة، وأثر في حياة الأمم التي حوله أكبر الأثر، بما شهد له المنصفون في كل الأديان، وقد وصف الله تعالى ذلك الرسول الذي أوجب اتباعه على كل من أدركه من بني إسرائيل بصفات:
منها: أنّه نبي أمي.
ومنها: أنّه هو {الَّذِي يَجِدُونَهُ}؛ أي: يجد الذين يتبعونه من بني إسرائيل اسمه ونعته {مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ} اللذين هما مرجعهم في الدين، بحيث لا يشكون أنّه هو، وبالجملة فأهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يتناقلون خبر بعثة محمد صلى الله عليه وسلّم فيما بينهم، ويذكرون البشارات من كتبهم، حتى إذا ما بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق آمن به كثيرون، وكان علماؤهم يصرحون بذلك، كعبد الله بن سلام وأصحابه من علماء اليهود، وتميم الداري من علماء النصارى، وغيرهم من الذين أسلموا في عصر النبي صلى الله عليه وسلّم.
ومنها: أنه {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}؛ أي: بكل ما تعرفه القلوب ولا تنكره، من التوحيد ومكارم الأخلاق، وبر الوالدين وصلة الأرحام {وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}؛ أي: عن كل ما تنكره القلوب ولا تعرفه، وهو ما كان من مساوىء الأخلاق، كعبادة الأوثان، والكفر بما أنزل الله على النبيين، وقطع الرحم، وعقوق الوالدين.
ومنها: أنّه {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ}؛ أي: كل ما تستطيبه الأذواق السليمة من الأطعمة، وفيه فائدة في التغذية مما حرم عليهم في التوراة، كلحوم الإبل،