ندب إلى العفو والإغضاء من الزلات، ثم ذكر أنه لا مؤاخذة على من ينتصر لنفسه، وإنما المؤاخذة على من يظلم الناس، ويبغي في الأرض بغير الحق، وأن الصبر وغفران السيئة مما حث عليه الدين، وأجزل ثواب فاعله.
قوله تعالى:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله لما ذكر أن الذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، لهم عذاب أليم على ما اجترحوا من البغي، والعدوان بغير الحق .. أردف ذلك ببيان أن من أصله فلا هادي له، وأن الكافرين حين يرون العذاب يوم القيامة، يطلبون الرجوع إلى الدنيا، وأنهم يعرضون على النار، وهم خاشعون أذلاء، ينظرون من طرف خفي، وأن الذين آمنوا يقولون: إن الكافرين لفي خسران مبين، فقد أضاعوا النفس والأهل، ولا يجدون لهم، ناصرًا يخلصهم مما هم فيه من العذاب.
قوله تعالى:{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر ما سيكون يوم القيامة، من الأهوال وعظائم الأمور، حذر من هذا اليوم. فبين أن الكافرين لا يجدون حينئذٍ ملجأ يقيهم من عذاب الله تعالى، ولا ينكرون ما اقترفوه؛ لأنه مكتوب في صحائف أعمالهم. ثم أرشد رسوله إلى أنهم إن أعرضوا عن دعوتك، فلا تأبه بهم، ولا تهتم بشأنهم. ثم أعقب هذا بذكر طبيعة الإنسان، وأنه يفرح حين النعمة، ويجحد نعم ربه حين الشدة، ثم قسم هبته لعباده في النسل أربعة أقسام: فمنهم من وهب الإناث، ومنهم من وهب الذكران، ومنهم من أعطي الصنفين ومنهم العقيم الذي لا نسل له.
قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر تقسيم النعم الجسمانية التي يهبها لعباده .. أردفها تقسيم النعم الروحية، وأن الناس محجوبون عن