للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبلغ النّعمان عنّي مألكا ... أنّه قد طال حبسي وانتظار

ويقال: ألكني؛ أي: أرسلني، وقال النضر بن شميل: لا اشتقاق لملك عند العرب، والهاء في الملائكة؛ لتأكيد تأنيث الجمع، ومثله: الصلادمة والصلادم: الخيل الشداد واحدها صلدم، وقيل: هي للمبالغة، كعلّامة، ونسابة وسموا (١) بها؛ لأنهم وسائط بين الله وبين الناس فهم رسله؛ لأنّ أصل ملك: ملأك مقلوب مألك من الألوكة وهي الرسالة، كما مرّ آنفا، والملائكة عند أكثر المسلمين: أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة. والدليل: أن الرسل كانوا يرونهم كذلك، وروي في بيان كثرتهم: أن بني آدم عشر الجن، وهما عشر حيوانات البر، والكل عشر الطيور، والكل عشر حيوانات البحار، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة سماء الدنيا، وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثانية، وهكذا إلى السماء السابعة، ثم كل أولئك في مقابلة الكرسي نزر قليل، ثم جميع هؤلاء عشر ملائكة سرادق واحد من سرادقات العرش، التي عددها ستمائة ألف، طول كل سرادق، وعرضه، وسمكه، إذا قوبلت به السموات والأرض وما فيهما، وما بينهما لا يكون لها عنده قدر محسوس، وما منه من مقدار شبر إلا وفيه ملك ساجد، أو راكع، أو قائم، لهم زجل بالتسبيح والتقديس، ثمّ كلّ هؤلاء في مقابلة الذين يحومون حول العرش، كالقطرة في البحر، ثم ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل عليه السلام، والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام، لا يحصى أجناسهم، ولا مدة أعمارهم، ولا كيفيات عباداتهم إلا باريهم العليم الخبير، على ما قاله سبحانه وتعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} وأراد بهم هنا الملائكة الذين كانوا في الأرض، وذلك أن الله خلق السماء والأرض، وخلق الملائكة والجن، فأسكن الملائكة في السماء، وأسكن الجن في الأرض، والجن هم بنو الجان، والجان: أبو الجن، كآدم أبو البشر، وخلق الله الجان من لهب من نار، لا دخان لها بين السماء والأرض، والصواعق تنزل منها، ثم لما سكنوا فيها كثر نسلهم، وذلك قبل آدم بستين ألف سنة، فعمروا دهرا طويلا في


(١) روح البيان.