للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم تلقه كان خيرًا لك، فإنه ساحر كاهن كذاب مجنون، فيقول: أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن استطلع أمر محمد وأراه، فيلقرأ صحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيخبرونه بصدقه، فذلك قوله: {وَقِيلَ}، أي: من طرق الوافدين {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} عن الكفر والشرك، وهم المؤمنون المخلصون {مَاذَا}؛ أي: أي شيء، فهو مفعول قوله: {أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}؛ أي: أي شيء أنزل ربكم على محمد - صلى الله عليه وسلم -؟

{قَالُوا}؛ أي: قال المتقون في جواب سؤال الوافد: أنزل ربنا {خَيْرًا}.

وهو اسم جامع لكل خير ديني ودنيوي وأخروي ظاهري معنوي، وفي تطبيق الجواب بالسؤال إشارة إلى أن الإنزال واقع، وأنه نبي حق، وقرأ زيد بن علي {خَيْرٌ} بالرفع: أي: المُنْزَلُ خيرٌ، كما في "البحر".

قال الثعلبي: فإن (١) قيل: لم ارتفع الجواب في قوله: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} وانتصب في قوله: {خَيْرًا}؟ فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل، فكأنهم قالوا: الذي يقوله محمد هو أساطير الأولين، والمؤمنون آمنوا بالنزول فقالوا: أنزل خيرًا اهـ.

والمعنى: أي وقيل للذين خافوا عقاب ربهم: أي شيء أنزله ربكم؟ قالوا: أنزل خيرًا وبركة ورحمة لمن اتبع دينه، وآمن برسوله، وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} قيل: هذا من كلام الله عن وجل، وقيل: هو حكاية لكلام الذين اتقوا، فيكون على هذا بدلًا من {خَيْرًا} وعلى الأول يكون كلامًا مستأنفًا مسوقًا للمدح للمتقين.

والمعنى: للذين أحسنوا أعمالهم وأخلصوا، وقالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإنه أحسن الحسنات وأسُّ الديانات.

{فِي هَذِهِ} الدار {الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}؛ أي: مثوبة حسنة مكافأة فيها بإحسانهم، وهي عصمة الدماء والأموال، واستحقاق المدح والثناء والظفر على الأعداء {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ}؛ أي: ولثوابهم فيها {خَيْرٌ} مما أوتوا في الدنيا من المثوبة، أو


(١) الشوكاني.