للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المفسرين: مرسلين خيلهم في الغارة. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، ونافع {مسومين} بفتح الواو أي: معلمين بالصوف الأبيض في نواصي الدواب، وأذنابها، أو مجذوذة أذنابها، أو مرسلين.

قال ابن جرير (١): وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر عن نبيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} ثم وعدهم بعد الثلاثة آلاف بخمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم، واتقوا، ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف، ولا بالخمسة الآلاف، ولا على أنهم لم يمدوا بهم، وقد يجوز أن يكون الله أمدَّهم على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم، وقد يجوز أن يكون الله لم يمدهم على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك، ولا خبر عندنا صح من الوجه الذي يثبت أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف، ولا بالخمسة الآلاف، وغير جائز أن يقال في ذلك قول إلا بخبر تقوم الحجة به، ولا خبر فنسلم لأحد الفريقين قوله.

غير أن في القرآن دلالةٌ على أنهم قد أمدوا يوم بدر بألفٍ من الملائكة، وذلك قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}.

أما في أحد: فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها في أنهم أمدوا، وذلك أنهم لو أمدوا، لم يهزموا، وينل منهم ما نيل انتهى.

والإمداد بالملائكة يصح أن يكون من قبيل الإمداد بالمال الذي يزيد في قوة القوم، وأن يكون من الإمداد بالأشخاص الذين ينتفع بهم، ولو نفعًا معنويًّا، وذلك أن الملائكة أرواح تلابس النفوس، فتمدها بالإلهامات الصالحات التي تثبتها وتقوي عزيمتها.

فإن قلت: أي حاجة إلى ذلك العدد الكثير، فإن جبريل وحده، أو أي ملك كافٍ في قتال الكفار؟


(١) طبري.