للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات العظام التي علقوا بها إيمانهم. وفي الآية إيماء إلى تماديهم في تكذيب آيات الله وعدم اعتدادهم بها، وأنه لا أمل في إيمانهم البتة.

{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ} الموجبة للإيمان الاضطراري من الآيات التي اقترحوها، أو ما هو أعم من ذلك، فيدخل فيه ما ينتظرونه، وقيل: هي الآيات العظام التي تدل على قرب الساعة كطلوع الشمس من مغربها قبيل تلك القارعة التي ترج الأرض رجا، وتبس الجبال بسا، ويبطل هذ النظام الشمسي بحدوث حادث تتحول فيه حركة الأرض اليومية، فيكون الشرق غربا والغرب شرقا كما في حديث «الصحيحين». والظرف متعلق بقوله: {لا يَنْفَعُ نَفْسًا}؛ أي: نفسا كافرة، أو مؤمنة عاصية {إِيمانُها} وقتئذ {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل ذلك {أَوْ} نفسا لم تكن {كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْرًا}؛ أي: عملا صالحا من قبل ظهور تلك الآيات؛ أي: لا ينفع نفسا لم تكن آمنت من قبل أن تؤمن حينئذ، ولا ينفع نفسا لم تكن كسبت في إيمانها خيرا وعملا صالحا أن تفعل ذلك بعد مجيء تلك الآيات لبطلان التكليف الذي يترتب عليه ثواب الأعمال.

قال ابن كثير: إذا (١) أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك .. فإن كان مصلحا في عمله؛ فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحا، فأحدث توبة حينئذ .. لم تقبل منه توبته كما دلت عليه الأحاديث. وقرأ ابن عمر وابن الزبير وابن سيرين وأبو العالية (٢): {يوم تأتي} - بالفوقية - مثل: {تلتقطه بعض السيارة} قال المبرد التأنيث على المجاورة لمؤنث لا على الأصل، ومنه قول جرير:

لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشّع

وقرأ ابن سيرين: {لا تنفع نفسا} - بالفوقية -. قال أبو حاتم: ذكروا أنها غلط منه، وقال الزمخشري: أنث الفعل؛ لكون الإيمان مضافا إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه. وقرأ زهير القروي: {يوم يأتي} - بالرفع - والخبر {لا يَنْفَعُ}


(١) ابن كثير.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.