الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أورد الدلائل على إثبات التوحيد والنبوة، التي أعرض عنها أهل مكة، ولم يلتفتوا إليها، ولم تجدهم فتيلا ولا قطميرًا لاستغراقهم في الدنيا، واشتغالهم بطلبها .. أردف هذا بذكر قصص عاد وما حدث منهم مع نبيهم هود عليه السلام، وضرب لهم به المثل ليعتبروا فيتركوا الاغترار بما وجوده من الدنيا، ويقبلوا على طاعة الله، فقد كانوا أكثر منهم أموالًا، وأقوى منهم جندًا، فسلَّط الله عليهم العذاب بسب كفرهم، ولم يغن عنهم مالهم من الله شيئًا، وفيه تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب قومه.
أسباب النزول
قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما روى الواحدي عن ابن عباس قال: أنزلت في أبي بكر - رضي الله عنه - وذلك أنه صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان عشرة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عشرين سنة، وهم يريدون الشام في التجارة، فنزلوا منزلًا فيه سدرةٌ - شجرة السدرة - فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين، فقال له: من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: هذا والله نبيّ، وما استظل تحتها أحد بعد عيسى ابن مريم إلا محمد نبي الله، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، وكان لا يفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره وحضوره، فلما نبّىء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أربعين سنة، وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة أسلم، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغ أربعين سنة .. قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ.
وقال السّدي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. أخرج مسلم، وأهل السنن إلا ابن ماجه عن سعد - رضي الله عنه - قال: قالت أم سعد لسعد: أليس الله قد أمر بطاعة الوالدين، فلا آكل طعامًا ولا أشرب،