للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنّ الله سبحانه لما ذكر (١) في سابق الآيات توحيده سبحانه، وإخلاص العبادة له، والاستقامة في العمل .. أردف هذا بالوصية بالوالدين؛ وقد فعل هذا في غير موضع من القرآن الكريم، كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وقوله {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}.

وعبارة "التفسير المنير": مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما ذكر (٢) جزاء المؤمنين الموحدين المستقيمين على الشريعة .. أمر ووصّى ببرّ الوالدين، وأشاد بصفة خاصة بالبارّ بوالديه بعد بلوكه سنَّ الأربعين، وبشره بقبول أعماله الصالحة، والتجاوز عن سيئاته، وجعله في عداد أصحاب الجنة وعدًا منجزًا لا خلف فيه. انتهى.

قوله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما ذكر (٣) حال الداعين للوالدين البررة بهما، ثم ذكر ما أعد لهم من الفوز والنجاة في الدار الآخرة .. أعقب هذا بذكر حال الأشقياء العاقّين للوالدين، المنكرين للبعث والحساب، المحتّجين بأنّ القرون الخوالي لم تبعث، ثم ردّ الأباء عليهم بأنّ هذا اليوم حقّ لا شك فيه، بإجابة الأبناء لهم بأنّ هذه أساطير الأولين وخرافاتهم، ثم ذكر أنّ أمثال هؤلاء ممن حقّ عليهم القول بأنّ مصيرهم إلى النار.

ثم أردف هذا بأنّ لكل من البررة والكفرة منازل عند ربهم، كفاء ما قدموا من عمل، وسيجزون عليها الجزاء الأوفى، ثم أخبر بأنه يقال للكفار حين عرضهم على النار: أنتم قد تمتعتم في الحياة الدنيا، واستكبرتم عن اتباع الحق، وتعاطيتم الفسوق والمعاصي، فجازاكم الله بالإهانة والخزي، والآلام الموجبة للحسرات المتتابعة في دركات النار.

قوله: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ...} الآيات، مناسبة هذه


(١) المراغي.
(٢) التفسير.
(٣) المراغي.