للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: على أيّ حال وقع وحدث عاقبة مكرهم، وهي {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ}؛ أي: استأصلناهم بالهلاك؛ أي: أهلكنا هؤلاء التسعة الماكرين بصالح {وَقَوْمَهُمْ} الذين لم يكونوا معهم في مباشرة التبييت {أَجْمَعِينَ} بحيث لم يشذ منهم شاذ.

أي: ففكر (١) يا محمد كيف آل أمرهم، وكيف كانت عاقبة مكرهم؟ فقد أهلكناهم وقومهم الذين لم يؤمنوا على وجه يقتضي النظر، ويسترعي الاعتبار، ويكون عظة لمن غدر كغدرهم في جميع الأزمان.

روي أنه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلي فيه، ولما قال لهم بعد عقرهم الناقة: إنكم تهلكون إلى ثلاثة أيام .. قالوا: زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث، فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث، فذهبوا إلى الشعب ليقتلوه، فوقعت عليهم صخرة من جبالهم طبقت عليهم الشعب، فهلكوا وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة، ونجى لله صالحًا ومن آمن معه.

ومعنى الآية (٢): أن الله دمر التسعة الرهط المذكورين، ودمر قومهم الذين لم يكونوا معهم عند مباشرتهم لذلك. ومعنى التأكيد بـ {أَجْمَعِينَ} أنه لم يشذ منهم أحد، ولا سلم من العقوبة فرد من أفرادهم، فهو تأكيد لكل من المعطوف والمعطوف عليه.

وقال ابن الجوزي في صفة إهلاكهم أربعة أقوال (٣):

أحدهما: أنهم أتوا دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم، قاله ابن عباس.

والثاني: رماهم الله تعالى بصخرة فأهلكتهم، قاله قتادة.

والثالث: أنهم دخلوا غارًا ينتظرون مجيء صالح، فبعث الله صخرة سدت باب الغار، قاله ابن زيد.


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) زاد المسير.