للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخطاب فيها موجهٌ إلى كل من سمع من المؤمنين مقالة أولئك القائلين من المنافقين: ارجعوا إلى إخوانكم، ودينكم فإن الكفار لما أرجفوا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد قتل، دعا المنافقون بعض ضعفة المسلمين إلى الكفر، فنهاهم الله عن الالتفات إلى كلامهم.

فبالجملة لا تزال الآيات الكريمة تنادي بذكر أحداث غزوة أحد، وما فيها من العظات، والعبر فهي تتحدث عن أسباب الهزيمة، وموقف المنافقين الفاضح في تلك الغزوة، وتآمرهم على الدعوة الإسلامية بتثبيط عزائم المؤمنين.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ...} الآية، قال محمد بن كعب القرظي (١): لمَّا رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من أحد إلى المدينة، وقد أصابهم ما أصابهم قال ناس من أصحابه: من أين أصابنا هذا، وقد وعدنا الله النصر؟ فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} يعني بالنصر، والظفر؛ وذلك أنّ الظفر كان للمسلمين في الابتداء، وقيل: إنَّ الله وعد المؤمنين النصر بأحد فنصرهم، فلما خالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلبوا الغنيمة هزموا.

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا ...} الآية، سبب نزولها: ما رواه الترمذي عن أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما قال: رفعت رأسي يوم أحد، فجعلت أنظر، وما منهم يومئذٍ من أحدٍ إلا يميد تحت حجفته من النعاس، فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} وقال: هذا حديث حسن صحيح. وروى أيضًا عن هشام ابن عروة عن الزبير مثله، وقال: حديث حسن صحيح، وحديث الزبير هذا، أخرجه ابن راهويه ولفظه: قال الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد حين اشتدَّ علينا الخوف، وأرسل علينا النوم فما منا أحدٌ إلا وذقنه أو قال: ذقنه في صدره، فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا


(١) الخازن.