الآيات السابقة في أخذ الميثاق وغيره، نفصل الآيات؛ أي: نبين الآيات اللاحقة الدالة على توحيدنا ليتدبروا فيها {وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}؛ أي: ولكي يرجعوا عن شركهم، وعبادة غير الله تعالى، إلى عبادته وتوحيده بذلك التفصيل والتوضيح، وقرأت فرقة {يفصل} بالياء؛ أي: يفصل هو؛ أي: الله تعالى.
والمعنى (١): أي ومثل ذلك التفصيل المستتبع للمنافع الجليلة نفصل لبني آدم الآيات والدلائل، ليستعملوا عقولهم في التبصر فيها، والتدبر في أمرها، لعلهم يرجعون بها عن جهلهم، وتقليد آبائهم وأجدادهم.
وفي الآية إيماء إلى أنّ من لم تبلغه بعثة رسول .. لا يعذر يوم القيامة في الشرك بالله تعالى، ولا بفعل الفواحش والموبقات التي تنفر منها الفطر السليمة، وتدرك ضررها العقول الحصيفة، بل يعذرون بمخالفة هداية الرسل فيما شأنه أن لا يعرف إلا منهم، وهو تفصيل العبادات، وعالم الغيب، وما سيكون في اليوم الآخر من أحوال العاصين، وشؤون النبيين والصديقين من عقاب وثواب، وكنه ذلك على الحقيقة.
{وَإِذْ} الواو: استئنافية، {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان في محل النصب على الظرفية متعلقة بمحذوف تقديره: واذكر يا محمد لهم قصة إذ قيل لهم، والجملة المحذوفة مستأنفة، {قِيلَ}: فعل ماض مغير الصيغة، {لَهُمُ}: متعلق به، {اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ} إلى آخر الآية نائب فاعل محكي، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {اسْكُنُوا}: فعل وفاعل، {هذِهِ}: في محل النصب على الظرفية عند سيبويه، وعلى المفعول به عند الأخفش {الْقَرْيَةَ} نعت لـ {هذِهِ} أو عطف بيان منه، والجملة الفعلية في محل الرفع نائب فاعل