للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله ففيم العمل؟ فقال: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله النار».

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وأما المروي عن الصحابة في تفسير هذه الآية بإخراج ذرية آدم من صلبه في عالم الذر، وأخذ العهد عليهم وإشهادهم على أنفسهم .. فهي كثيرة، منها عن ابن عباس عند ابن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} ... الآية. قال: خلق الله آدم، وأخذ ميثاقه أنّه ربه، وكتب أجله ورزقه، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر، فأخذ مواثيقهم أنّه ربهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصيباتهم. وقد أخرج عن جماعة ممن بعد الصحابة تفسير هذه الآية بإخراج ذرية آدم من ظهره، وفيما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلّم في تفسيرها، مما قدمنا ذكره ما يغني عن التطويل.

وقرأ أبو عمرو وابن عامر ونافع (١): {ذرياتهم} بالجمع، وقرأ باقي السبعة {ذُرِّيَّتَهُمْ} بالإفراد، وهي تقع على الواحد والجمع، ثم بين سبحانه وتعالى سبب الإشهاد وعلته فقال: {أَنْ تَقُولُوا} قرأ أبو عمرو هنا وفيما يأتي بالياء التحتية على الغيبة، كما كان فيما قبله على الغيبة، وقرأ الباقون بالتاء الفوقية على الخطاب، وجملة {أَنْ تَقُولُوا} علة لمحذوف تقديره: فعلنا ذلك الأخذ والإشهاد كراهة أن تقولوا أيها الذرية، أو لكي لا تقولوا: {يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا} التوحيد؛ أي: عن كون الله ربنا وحده لا شريك له {غافِلِينَ}؛ أي: ساهين جاهلين؛ أي: إنّا (٢) فعلنا هذا الأخذ والإشهاد بكم منعا لاعتذاركم يوم القيامة بأن تقولوا: «إذا عذبت على الإشراك: إنا كنا عن هذا التوحيد غافلين، إذ لم ينبهنا إليه منبه، ومآل هذا أنّه لا يقبل منهم الاعتذار بالجهل؛ لأنّهم نبهوا بنصب الأدلة، وجعلوا


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.