وقال الزجاج: مثلُ المؤمن واعتقاده ونفع الإيمان له كمثل الماء المنتفع به في نبات الأرض وحياة كل شيء، وكمثل نفع الذهب والفضة وسائر الجواهر؛ لأنها كلها تبقى منتفعًا بها. ومثل الكافر وكفره كمثل الزبد الذي يذهب جفاء، وكمثل خبث الحديد وما تخرجه النار من وسخ الفضة والذهب الذي لا ينتفع به. اهـ.
{كَذَلِكَ}؛ أي: مثل ذلك الضرب العجيب {يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}؛ أي: يبين الله أمثال الحق والباطل، فيجعلها في غاية الوضوح؛ أي: ومثل ضربنا لهذه الأمثال البديعة التي توضح للناس ما أشكل عليهم من أمور دينهم، وتظهر الفوارق بين الحق والباطل والكفر والإيمان نضرب لهم الأمثال، ونبين لهم الأشباه في كل باب حتى تستبين لهم طريق الهدى، فيسلكوها، وطرق الباطل فينحرفوا عنها، وتتم لهم سعادة المعاش والمعاد، ويكونوا المثل العليا بين الناس كما قال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}.
وفي "الصحيحين" عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا، فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا ورعوا وسقوا وزرعوا، وأصابت طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني به، ونفع به الناس فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به".
وروى أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فذلك مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحُجَزكم عن النار: هلم عن النار، فتغلبوني فتقتحمون فيها".