وبينما هو ماش سمع اسم المسيح ينادى به في كل مكان، فحدّث نفسه، وقال: عجبا لم لم يذبح دقيانوس هؤلاء المؤمنين، وبقي حائرًا دهشًا، وقال: ربما أكون في حلم، أو لعل هذه ليست مدينتنا، فسأل رجلًا ما اسم هذه المدينة؟ قال: أفسوس، وفي آخر مطافه تقدم إلى رجل، فأعطاه ورقًا ليشتري به طعامه، فدهش الرجل من نوع هذا النقد، الذي لم يره من قبل، وأخذ يقلبه ويعطيه إلى جبرته، وهم يعجبون منه، ويقولون له: أهذا من كنز عثرت عليه؟ فإنّ هذه الدّراهم من عهد دقيانوس، وقد مضت عليه حقبة طويلة، ثمّ أخذوه، وقادوه إلى حاكمي المدينة، فظنّ في بادىء الأمر أنهم ساقوه إلى دقيانوس، ولكن لما عرف أنه لم يؤت به إليه، زال عنه الكرب، وجفت مدامعه، ثمّ سأله حاكما المدينة - وهما: أريوس، وطنطيوس - أين الكنز الذي وجدت يا فتى؟ وبعد حوار بينه وبينهما، ذكر لهما خبر الفتية، ودقيانوس، وأنّ حديثهما كان أمس وإن كان لديكما ريب من أمري فها هو ذا الكهف، فاذهبا معي لتريا صدق ما أقول، فسارا معه حتّى وصلا إلى باب الكهف، وتقدّمهما تمليخا فأخبرهما بالحديث كله، فداخلهما العجب حين علما أنهم ناموا تسعا وثلاث مئة سنة، وأنّهم أفاقوا ليكونوا آية للناس.
ثم دخل أريوس فرأى تابوتًا من نحاس مختومًا بخاتم، وبداخله لوحان مكتوبٌ عليهما قصّة هؤلاء الفتية، وكيف هربوا من دقيانوس حرصًا على عقيدتهم، ودينهم، فسد عليهم بالحجارة، ولما رأى أريوس، ومن معه هذا القصص، خروا لله سجدًا، وأرسلوا بريدًا إلى ملكهم أن عجل واحضر لترى آية الله في أمر فتية بعثوا بعد أن ناموا تسعًا وثلاث مئة سنة، ثمّ سار الملك، ومعه ركب من حاشيته وأهل مدينته حتى أتوا مدينة أفنوس، وكان يوما مشهودًا، وحين رأى الفتية خر ساجدًا لله تعالى، ثمّ اعتنقهم، وبكى، وهم لا يزالون يسبحون ثمّ قال الفتية له: أيّها الملك، نستودعك الله، ونعيذك من شر الإنس والجن، ثمّ رجعوا إلى مضاجعهم، وقبضت أرواحهم، فأمر الملك أن يجعل كل منهم في