للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمصالح والغايات الجليلة. {الْمَلِكُ}؛ أي: الذي (١) يحق له الملك على الإطلاق إيجادًا وإعدامًا، بدأً واعادةً واحياءً واماتةً وعقابًا وإثابةً، وكل ما سواه مملوك له، مقهور تحت ملكه العظيم. قال الغزالي - رحمه الله -: الملك هو الذي يستغني فى ذاته وصفاته وأفعاله عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود.

{الْحَقّ}؛ أي: الثابت الوجود فى ذاته وصفاته وأفعاله. وفي المفردات {الحق} موجود الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة.

وعبارة "المراح" هنا: {فَتَعَالَى اللَّهُ}؛ أي (٢): تبرأ الله سبحانه عن العبث، وعن خلو أفعاله عن المصالح والغايات الحميدة، {الْمَلِكُ}؛ أي: المتصرف فى كل شيء {الْحَقّ}؛ أي: الثابت الذي لا يزول ملكه {لَا إِلَهَ}؛ أي: لا معبود بحق فى الوجود {إِلَّا هُوَ} سبحانه وتعالى، فإن كل ما عداه عبيده. {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} فكيف لا يكون إلهًا وربًا لما هو دون العرش الكريم من المخلوقات، وإنما خص العرش بالذكر؛ لأنه أعظم المخلوقات. ووصف (٣) العرش بالكريم، لنزول الرحمة والخير منه، أو باعتبار من استوى عليه، كما يقال: بيت كريم، إذا كان ساكنوه كرامًا. وقيل: معنى الكريم الرفيع المرتفع كما فى "الخازن". وقال ابن الجوزي: والكريم فى صفة الجهاد الحسن. اهـ.

وقرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن ابن كثير {الْكَرِيمِ} بالرفع على أنه صفة لرب، أو صفة للعرش، ويكون مقطوعًا على معنى المدح. وقرأ الباقون، بالجر على أنه نعت للعرش. وقال القرطبي: وليس فى القرآن وصف العرش بالكريم فى غير هذا الموضع. اهـ.

وإنما وصف العرش هنا بالكريم وفيما تقدم بالعظيم للتفنن، أو لمناسبة السياق؛ لأن السياق هنا فى ذكر الرحمة والغفران، والكرم يناسبها، وفيما تقدم


(١) روح البيان.
(٢) المراح.
(٣) الشوكاني.