للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت قبل دعواه على ما هي عليه في حين دعواه، ودعواه في دلالتها على نبوّته كدعوى غيره، فبان أنّه لا وجه له يدلّ على صدقه، والذي يستشهد به الرسول عليه السلام، له وجه يدلّ على صدقه، وذلك أن يقول: الدليل على صدقي: أن يخرق الله تعالى العادة من أجل دعواي عليه الرسالة، فيقلب هذه العصا ثعبانا، ويشقّ الحجر، ويخرج من وسطه ناقة، أو ينبع الماء من بين أصابعي، كما ينبعه من العين، أو ما سوى ذلك من الآيات الخارقة للعادة، التي ينفرد بها جبار الأرض، والسموات، فتقوم له هذه العلامات، مقام قول الربّ سبحانه، لو أسمعنا كلامه العزيز، وقال: صدق أنا بعثته. ومثال هذه المسألة، ولله، ولرسوله المثل الأعلى: ما لو كانت جماعة بحضرة ملك من ملوك الأرض، وقال أحد رجاله وهو بمرأى، ومسمع منه، والملك يسمعه: الملك يأمركم أيها الجماعة! بكذا وكذا، ودليل ذلك: أنّ الملك يصدقني بفعل من أفعاله، وهو أن يخرج خاتمه من يده قاصدا بذلك تصديقي، فإذا سمع الملك كلامه لهم، ودعواه فيهم، ثم عمل ما استشهد به على صدقه، قام ذلك مقام قوله، لو قال: صدق فيما ادّعاه عليّ، فكذلك إذا عمل الله عملا لا يقدر عليه إلّا هو، وخرق به العادة على يدي الرسول، قام ذلك الفعل مقام كلامه تعالى، لو أسمعناه، وقال: صدق عبدي في دعوى الرسالة، وأنا أرسلته إليكم، فاسمعوا له وأطيعوا.

والشرط الثالث: هو أن يستشهد بها مدّعي الرسالة على الله