للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والآذن: هو الله سبحانه.

و {حَتَّى} في قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} غاية (١) لمحذوف يدل عليه قوله: {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} فإنه يشعر بالاستئذان المستدعي الترقّب والانتظار للجواب، كأنه سئل: كيف يؤذن لهم؟ فقيل: يتربّصون في موقف الاستئذان والاستدعاء، ويتوقّفون على وَجَلٍ، وفزعٍ زمانًا طويلًا، حتى إذا أزيل الفزع، وكشف الخوف عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن لهم، وظهرت لهم تباشير الإجابة، والمعنى: حتى إذا أزيل الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم من المؤمنين، وأما الكفرة: فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل، وعن التفزيع عن قلوبهم بألف منزل.

{قَالُوا}؛ أي: المشفوع لهم للشافعين؛ إذ هم المحتاجون إلى الإذن، والمهتمّون بأمره، {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}؛ أي: في شأن الإذن، {قَالُوا}؛ أي: الشفعاء؛ لأنهم المباشرون للاستئذان بالذات، المتوسّطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة. {الْحَقَّ}؛ أي: قال ربّنا القول الحق، وهو الإذن في الشفاعة للمستحقين لها.

قرأ الجمهور (٢): {فزّع} مبنيًا للمفعول مشدّدًا من الفزع؛ أي: أطير الفزع عن قلوبهم، وفعَّل يأتي لمعانٍ منها: الإزالة، وهذا منه نحو: قَرّدْتُ البعير؛ أي: أزلت القراد عنه، وقرأ ابن عامر وابن مسعود وابن عباس وطلحة وأبو المتوكل الناجي وابن السميفع: {فَزّع} مبنيًا لفاعل مشدّدًا من الفزع أيضًا، والضمير الفاعل في فزع إن كان الضمير في {عَنْ قُلُوبِهِمْ} للملائكة، فهو الله، وإن كان للكفار .. فالضمير لمغويهم، وكلا هاتين بتشديد الزاي من التفزيع، وهو إزالة الفزع، وقرأ الحسن: {فُزع} من الفزع بتخفيف الزاي مبنيًا للمفعول، و {عَنْ قُلُوبِهِمْ} في موضع رفع به، كقولك: انطلق بزيد، وأبو المتوكل أيضًا وقتادة ومجاهد: {فَزّع} مشددًا مبنيًا للفاعل من التفزيع، وقرأ الحسن أيضًا كذلك، إلا أنه خفف الزاي، وقرأ عبد الله بن عمر والحسن أيضًا وأبو أيوب السختياني وقتادة أيضًا وأبو مجلز: {فُزِّغ} مشدّد الراء المهملة مبنيًا للمفعول؛ أي: كشف عن قلوبهم الخوف، والفاعل هو الله، وقرأ ابن مسعود وعيسى: {افرنقع عن قلوبهم} بمعنى: انكشف


(١) روح البيان بتصرف.
(٢) البحر المحيط.