للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر (١) وعيد الكفار وثواب أهل الإيمان .. أردف ذلك ببيان بعض ما يكون بين الفريقين، فريق أهل الجنة وفريق أهل النار من المناظرة والحوار بعد استقرار كل منهما في داره.

وفيها دليل على أن الدارين في أرض واحدة يفصل بينهما سور لا يمنع إشراف أهل الجنة، وهم في أعلى عليين على أهل النار؛ وهم في هاوية الجحيم، وأن بعضهم يخاطب بعضا بما يزيد أهل الجنة عرفانا بقيمة النعمة، ويزيد أهل النار حسرة وشقاء على ما كان من التفريط في جنب الله تعالى.

وهذا التخاطب لا يقتضي قرب المكان على ما هو معهود في الدنيا، فعالم الآخرة عالم تغلب فيه الروحانية على ظلمة الكثافة الجسدية، فيمكن الإنسان أن يسمع من بعيد المسافات، ويرى من أقاصي الجهات. وإن ما جد الآن من المخترعات والآلات التي يتخاطب بها الناس من شاسع البلاد، وتفصل بينهما ألوف الأميال، إما بالإشارات الكتابية كالبرق - التلغراف اللاسلكي والسلكي - وإما بالكلام اللساني كالمسرة التليفون اللاسلكي والسلكي، ليقرب هذا أتم التقريب، ويزيدنا فهما له. وقد تم لهم الآن أن يروا صورة المتكلم بالتليفون مطبوعة على الآلة التي بها الكلام، وأن ينقلوا الصور من أقصى البلدان إلى أقصاها بهذه الآلة التلفاز.

قوله تعالى: {وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر (٢) مقال أهل الجنة لأهل النار، ومقال أصحاب الأعراف لأهل النار .. أردف ذلك بما قال أهل النار لأهل الجنة، وطلبهم منهم بعض ما عندهم من نعم الله عليهم.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ ...} الآية، مناسبة هذه


(١) المراغي.
(٢) المراغي.