للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو القاهر فوق عباده لا يشاركه أحد من رسله، ولا من سواهم في ذلك.

وقال أبو حيان: مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (١) لما قال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}، وقال: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} بعد قوله: {مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} .. انتقل من خاص إلى عام، وهو علم الله بجميع الأمور الغيبية.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار ...} الآية، مناسبة (٢) هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر استئثاره بالعلم التام للكليات والجزئيات .. ذكر استئثاره بالقدرة التامة تنبيهًا على ما تختص به الإلهية، وذكر شيئًا محسوسًا قاهرًا للأنام، وهو التوفي بالليل والبعث بالنهار، وكلاهما ليس للإنسان فيه قدرة، بل هو أمر يوقعه الله تعالى بالإنسان.

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ...} الآية، مناسبة (٣) هذه الآية لما قبلها: لما أبان الله سبحانه وتعالى لعباده إحاطة علمه، وشمول قدرته، واستعلاءه عليهم بالقهر، وحفظه أعمالهم عليهم .. ذكرهم هنا بالدلائل الدالة على كمال القدرة الإلهية، ونهاية الرحمة والفضل والإحسان.

قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٤): أن الله سبحانه وتعالى لما ذكَّر المشركين ببعض آياته في أنفسهم، وبمننه عليهم بإنجائهم من الأهوال والكروب التي يشعر بها كل من وقعت له منهم؛ إما بتسخير الأسباب، وإما بدقائق اللطف والإلهام .. ذكر هنا قدرته على تعذيبهم، وأبان أنَّ عاقبة كفران النعم أن تزول وتحل محلها النقم، وأنه يمهل ولا يهمل، بل يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر في الآيات السابقة تكذيب قريش بالقرآن، وكون الرسول مبلِّغًا لا خالقًا للإيمان، وأحالهم في ظهور


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) المراغي.