للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سبحانه وتعالى النعم التي أنعم بها على أصولهم، وبين لهم أنهم قابلوا تلك النعم بالقبائح، وبين أنه أنزل عليهم العقاب؛ ليعتبر من يأتي بعدهم.

وحكمة تخصيصهم بالخطاب: أن السورة أول ما نزل بالمدينة، وأهل المدينة كان غالبهم يهودا، وهم أصحاب كتاب وشوكة، فإذا أسلموا، أو انقادوا، انقاد جميع أتباعهم، لذلك توجّه الخطاب لهم.

قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: لما ذكر الله سبحانه وتعالى أولا نعمه على بني إسرائيل إجمالا، ذكر هنا أنواع تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ في ذكرها وأدعى لشكرها، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إذ نجيناكم، واذكروا إذ فرقنا بكم البحر، واذكروا إذ واعدنا موسى، وإذ آتينا موسى الكتاب، إلى آخر ما عدده من النعم عليهم، وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم جل وعلا، لا كفرانه وعصيانه.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه الواحدي، والثعلبي من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: (نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره، ولذوي قرابته، ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين، أثبت على الدين الذي أنت عليه، وما يأمرك به هذا الرجل، فإنّ أمره حق، وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه).

وعبارة أبي حيان هنا قوله تعالى: {يا بَنِي إِسْرائِيلَ ...} الآيات، هذا (٢) افتتاح الكلام مع اليهود والنصارى، ومناسبة الكلام معهم هنا ظاهرة، وذلك أن هذه السورة افتتحت بذكر الكتاب، وأن فيه هدى للمؤمنين، ثم أعقب ذلك بذكر الكفار المختوم عليهم بالشقاوة، ثم بذكر المنافقين، وذكر جمل من أحوالهم، ثم أمر الناس قاطبة بعبادة الله تعالى، ثم ذكر إعجاز القرآن إلى غير ذلك مما ذكره،


(١) لباب النقول.
(٢) البحر المحيط.