على إصلاحها، والانتفاع بخيراتها، والاستفادة مما على ظاهرها وباطنها، فمن كان أحصف رأيًا، وأحكم فكرًا، ملكها وتسلط عليها، وجنى ثمارها، واهتدى إلى ما أودع فيها من الخير.
قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أورد الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبيّن أن هذا الرسول رحمة للعالمين وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد .. أردف ذلك ما يكون إعذارًا وإنذارًا في مجاهدتهم، والإقدام على مناوأتهم، بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجّوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
أسباب النزول
قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ...} الآيتين، سبب نزولهما: ما رواه الطبراني عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما نزلت {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} قال عبد الله بن الزبعري: أنا أخصم لكم محمدًا فقال: يا محمد، أليس فيما أنزل عليك {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)}؟ قال:"نعم، فهذه النصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود تعبد عزيرًا، وهذه بنو تميم تعبد الملائكة، فهؤلاء في النار" فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)}. وفيه عاصم بن بهدلة، وقد وثق، وضعّفه جماعة.
وذكره الخطيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية، قال المشركون: فإن عيسى يُعبد، وعزير والشمس والقمر؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ