للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحق الذي يفضي اتباعه إلى الجنة، فبين أن ذلك لا يتم إلا باحتمال الشدائد والتكليف، أو لمّا بين أنه هداهم .. بين أنه بعد تلك الهداية احتملوا الشدائد في إقامة الحق، فكذا أنتم أصحابَ محمَّد لا تستحقون الفضيلة في الدين إلا بتحمل هذه المحن.

قوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الصبر على النفقة وبذل المال هو من أعظم ما يتحلى به المؤمن، وهو من أقوى الأسباب الموصلة إلى الجنة، حتى لقد ورد: "الصدقة تطفيء غضب الرب".

قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: هو أنه لمّا ذكر ما مسَّ مَنْ تقدمنا مِنْ أتباع الرسل من البلايا، وأن دخول الجنة معروف بالصبر على ما يبتلى به المكلف، ثم ذكر الإنفاق على مَنْ ذكر، فهو جهاد النفس بالمال .. انتقل إلى أعلى منه، وهو الجهاد الذي يستقيم به الدين، وفيه الصبر على بذل المال والنفس.

وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما فرض القتال لم يخص بزمان دون زمان، وكان من العوائد السابقة أن الشهر الحرام لا يستباح فيه القتال، فبين حكم القتال في الشهر الحرام.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها واضحة، وقيل: لمّا أوجب الجهاد بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}، وبين أن تركه سبب الوعيد .. أتبع ذلك بذكر من يقوم به، ولا يكاد يوجد وعيد إلا ويتبعه وعد.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ...} الآية، قال (١) عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن قتادة قال: نزلت هذه الآية في غزوة الأحزاب، وهي غزوة


(١) لباب النقول بزيادة من الخازن.