١ - أنه تعالى أثنى على زكريا، فقال: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣)}؛ أي: أنه أخفاه عن العباد، وأخلصه لله، وانقطع به إليه.
٢ - روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمّا ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم» رواه مسلم.
٣ - روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:«دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية» وقال: «خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي».
٤ - روي عن الحسن البصري أنه قال: إن كان الرجل لقد جمع، وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير، وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعند الزور، وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} اه.
٥ - أن النفس شديدة الرغبة في الرياء والسمعة، فإذا رفع المرء صوته بالدعاء امتزج الرياء به، فلا يبقى فيه فائدة البتة، ومن ثم كان الأولى الإخفاء؛ ليبقى مصونا عن الرياء.
وفصل بعض العلماء، فقال: إن التضرع بالجهر المعتدل يحسن في حال الخلوة والأمن من رؤية الناس للداعي، ومن سماعهم لصوته، فلا جهره يؤذيهم، ولا الفكر فيهم يشغله عن التوجه إلى الرب وحده، أو يفسد عليه دعاءه بحب الرياء والسمعة، ويحسن الإسرار في حال اجتماع الناس في المساجد والمشاعر وغيرها إلا ما ورد فيه رفع الصوت من الجميع كالتلبية في الحج، وتكبير العيدين. وإذا كان الليل سترا ولباسا شرع فيه الجهر في قراءة الصلاة إلى أنه