للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للمسمى، لأن التسمية له، لا للاسم، وكان أصل الكلام: أيًّا ما تدعوا فهو حسن وضع موضعه فله الأسماء الحسنى للمبالغة، وللدلالة على أنها إذا حسنت أسماؤه كلها، حسن هذان الاسمان اهـ. فمعنى (١) {ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ}؛ أي: سموا المعبود بحق بالله، أو بالرحمن، فإنهما من الأسماء الحسنى، وإذا حسنت أسماؤه كلّها، فهذان الاسمان منها، والحسنى مؤنث الأحسن الذي هو أفعل التفضيل، لا مؤنث أحسن المقابل لامرأة حسناء، كما في «القاموس»: وجملتها تسعة وتسعون اسمًا كما في الحديث الصحيح، بروايات متعددة عن علي، وأبي هريرة رضي الله عنهما «إن لله عز وجل تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة، هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ...» إلى آخر ما سرده الترمذي في جامعه، وقد شرحناها كلها شرحًا شافيًا، في كتابنا «هدية الأذكياء على طيبة الأسماء» وهو مطبوع منتشر فراجعه إن شئت.

وقرأ طلحة بن مصرف (٢): {أيا من} فاحتمل أن تكون {من} زائدة على مذهب الكسائي، واحتمل أن يكون جمع بين أداتي شرط على وجه الشذوذ.

ثم أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالتوسط في القراءة، فلا يجهر صوته، ولا يخافت به، فقال: {وَلا تَجْهَرْ} يا محمد {بِصَلاتِكَ}؛ أي: لا ترفع بقراءتك في الصلاة في المسجد الحرام، فيسمعها المشركون فيسبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به {وَلا تُخافِتْ بِها}؛ أي: بقراءة صلاتك؛ أي: لا تسرها عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك، فهو على حذف المضاف، للعلم بأن الجهر، والمخافتة من نعوت الصوت، لا من نعوت الصلاة؛ لأن الصّلاة أفعال، وأذكار، فهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء.

{وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ}؛ أي: واطلب بين الجهر والمخافتة {سَبِيلًا}؛ أي: أمرًا وسطًا، فإنّ خير الأمور أوساطها، والتعبير (٣) عن ذلك بالسبيل باعتبار أنه أمرٌ


(١) الفتوحات.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.